للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نابوليون الأول وحرب روسيا]

إن كل ما كان يحفُّ بنابوليون أوحى إليه المنهاج الذي جرى عليهِ في تمثيل دوره , وجعله يلقي على عاتقهِ عبء مسئولية الحوادث الحاضرة والمستقبلة بدلاً من أن يتهيأ لتمثيل الدور المقضي عليه تمثيله أنهُ لم يكن يأتي عملاً من الأعمال أو يقترف جريمة من الجرائم أو يباشر سرًّا من الأسرار البسيطة , إلاَّ ويبادر الناس إلى التنويه ببسالته إن الألمان لم يجدوا شيئاً بروقهُ أفضل من الاحتفال بتذكار معركتي إيانا وإرساد ولم يكن هو وحده عظيماً , بل كان أجداده وأخوته وأولاد أخوتهِ وأصهاره جميعهم عظماء. وكان كلُّ شيء يأول بسهولة إلى أن يزيل منهُ آخر أثرٍ من آثار العقل ويعدُّه لتمثيل دوره الهائل. ولما تمَّ له الأمر كانت جميع القوى مستعدَّة لمناصرتهِ وباشر غزو المشرق فانتهى إلى الغاية الأخيرة وهي موسكو , فاستولى على تلك العاصمة وساق إلى الجيوش الروسية متآلف لم يكُ قد ساق مثلها إلى الجيوش المعادية له من عهد موقعة أوسترليتز إلى اليوم الذي جرت فيهِ موقعة واغرام وعوضاً عن الصدفة والدهاءِ اللذين جعلاه يتنقل من انتصار إلى انتصار جارياً إلى الغاية المنصوبة لهُ , نلقي فجأة مجموع صدفٍ معاكسة له من الزكام الذي أصابهُ في بورودينو إلى الشرارة التي أضرمت النار في موسكو والبرد القارس في روسيا. وبدلاً من الدهاء نجد فيهِ ضعفاً وصغارة لم يذكر التاريخ شيئاً يماثلهما وكانت الغزوة تتقدم تتقدَّم ولكن بشكلٍ معاكس , وصارت جميع الصدف معادية له بعد أن كانت من أحلافهِ. وحينئذٍ شهدنا حركة مخالفةً موجهةً من الشرق إلى الغرب تشابه كل المشابهة الحركة التي سبقتها

<<  <  ج: ص:  >  >>