كسفت الشمس في السابع عشر من الشهر الفائت حوالي الساعة الثانية وربع بعد الظهر , فرأينا أن نذكر للقرَاء شيئاً عن هذا الحادث الطبيعي: يعرف كلُّ من له إلمام بالنظام الفلكي أن القمر يدورُ حولَ الأرض , وهو والأرض يدوران حول الشمس. وعليهِ فلا بدَّ من أن يكون القمر تارةً بين الشمس والأرض , فلا نرى منهُ إلاَّ القسم المظلم إذ أن القسم المنير يكون محاذياً للشمس , وهذا هو المحاق؛ وتارةً تكون الأرض بينهُ وبين الشمس فيمكننا أن نرى حينئذٍ القسم المنير , وذلك بعد خمسة عشر يوماً , وهذا هو البدر؛ وطوراً يكون والأرض متحاذيين على مسافةٍ واحدة من الشمس , وذلك هو التربيع. وبين المحاق والتربيع يكون التثليث وبين التربيع والبدر يكون التسديس. ولما كان القمر كالأرض غير مضيء بنفسه بل يستمدُّ كلاهما النور من الشمس , كان لا بدَّ من أن يكون وراءَ القمر ووراء الأرض في الفضاء ظلٌّ , وكل من يكون في هذا الظلّ لا يرى الشمس , فتظهر الشمس