أرسلت إلينا الحكومة المصرية نص المذكرة التي رفعها إلى مجلس النظار عطوفة رئيسه محمد سعيد باشا والتقرير الذي وضعه سعادة ناظر المعارف أحمد حشمت باشا بشأن إحياء الآداب العربية، وذلك بمباشرة نشر الكتب النفيسة التي جمعها حضرة العالم أحمد زكي بك من مكتبات الأستانة وأوروبا. وقد طالعنا كل ذلك بمزيد من الارتياح. بعد أن كانت الزهور قد اقترحت في أعدادها الأولى البحث في الوسائل الواجب اتخاذها لإيجاد هذه النهضة. وقد قال لنا زكي بك أنه كان يرى بمزيد السرور اهتمام مجلتنا بهذا الموضوع بينما كان هو يعد معدات مشروعه الجليل. ولسنا في مقام تعريف قرائنا بزكي بك. . فإن أبحاثه النفيسة قد نشرت اسمه بين علماء الشرق والغرب، ولكنه لا يسعنا إلا أن نشكره ونشكر الحكومة المصرية على هذه الخدمة الجلى. ولا عجب فإن مصر كانت ولا تزال مبعث النهضة العربية وركنها الكبير. ونحن ننشر اليوم المذكرة التي وضعها عطوفة رئيس النظار بهذا الشأن. وسننشر في العدد القادم تقرير سعادة ناظر المعارف.
كان ن دأب الحكومات التي تناوبت الحكم على وادي النيل منذ الزمان القديم طلب المباراة في ميادين السبق لرفع منار العلوم ونشر رايات العرفان سعياً وراء الفخر المخلد والمجد المؤبد. وكان من همها على الأخص توجيه عنايتها إلى إعلاء شأن اللغة العربية وآدابها بما كانت تبذله من الرغائب لانبعاث الهمم من رقدتها، وانعقاد العزائم على خدمتها، وتعضيد أهل العلم وذوي الفضل على دوام البحث والاستنباط.
غير أن نوب الزمان وطوارئ الحدثان تناولت هذه العناية فيما تناولته، فأخمدت نارها وحجبت أنوارها، فانجلت العزائم وتلاشت الهمم، وكادت