ولكنت استوقفكم طويلاً , لو شئت أن أدرس حياته كموظف وكرجلٍ وكمفكر. ولذلك أكتفي بأن أقولَ بالإجمال: أن تلك الحياة كانت صفحة ناصعة البياض , لم تخط فيها إلاَّ سطور الهمة والنزاهة والشهامة والمرؤة. وإني لأذكر أبداً آخر مرة قابلته فيها , وكان يُعد مقالاتٍ ضافية في بعض المواضيع الاقتصادية الوطنية , ولا أزال أرى ذاك الذكاءَ اللامع , ومع ذلك الإخلاص المجسَّم , وهو يشرح نظريته ورأيه في ذاك الموضوع الحيوي. كما أنني لا أزال أذكر آخر مرةٍ سمعتهُ فيها خطيباً , وقد وقف يؤبن أحد عظماء رجالنا , فكان ينادينا بأعلى صوته إلى العلى! إلى العلى. . .! وكأني الآن بروحه الطاهرة تشرف علينا من الأخدار العلوية وتنادي بنا إلى العلى! إلى العلى. . .! إلى العلى! يا سادتي. فلتكن هذه الكلمة شعاراً لنا. . إلى العلى! يا شبيبة الشرق الناهضة. فلتكن هذه الآية السامية العظة التي نستخلصها من حياة ذلك الرجل الكبير. إلى العلى , في أقوالنا وأعمالنا! إلى العلى , في مقاصدنا وآمالنا!. . . .
[النهر]
ونهر حالَفَ الأهواَء حتى ... غدا طوعاً لها في كلّ أمرِ
إذا سرقتْ حُلى الأزهارِ ألقتْ ... إليهِ بها فيأخذُها ويجري