للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العَلك , كنت أقول: وهل يموت من يقيم في مثل هذه المباني المحكمة البنيان , التي لم يشيّد مثلها سليمان , ولا الإنس ولا الجان! فما أشدَّ ما كانت ثقتي بنفسي , وطمعي بهذه الحياة , وبقوة أعضائي , وبتراكيب مفاصلي ومواصلي , وقوة أجنحتي!!! كل ذلك أصبح كأن لم يكن , لقد عشت للطبيعة وللمجد , لقد عشت لنفسي ولمنفعتي. لقد عشت ولم استفد فائدةً تذكر لآخرتي , لقد عشت في دار الفرار ولم اتخذ عملاً فيهِ الثواب لدار القرار. ولقد أحسن من قال:

يا صاحبي أن الزما ... نَ كما علمت وما علمتُهْ

يفني الذي جمَّعتُه ... بيدي ويحصد ما زرعتهُْ

ويخون مَن صافيتُهُ ... عمداً ويعشق مَن مقتُّهْ

وجهلتُهُ فحمدتهُ ... وذممتهُ لمَّا عرفتُهْ

ولطالما عاتبتهُ ... حتى على رغمٍ تركتًهْ

ساتسنا

المودَّة

المودة بين الأخيار سريع اتصالها , بطيءٌ انقطاعها. ومثَلُ ذلك كمثَل كوب الذهب , هو بطيء الانكسار , هيّن الإصلاح. والمودَّة بين الأشرار سريع انقطاعها , بطيء اتصالها , كالكوز من الفخار يكسره أدنى عبث , ثم لا وصل له أبداً. والكريم يمنح مودَّته عن لقيةٍ واحدة , أو معرفة يوم؛ واللئيم لا يصلُ أحداً إلا عن رغبة أو رهبة

(ابن المقفع)

<<  <  ج: ص:  >  >>