ولكن بتعطيل الآداب الملائمة أخلاق الرومان , وبحسب قوّةِ العقل المناسبة لسموّ مداركهِ. وبالجملة فإنَّ هذا الرجلَ الغريب الذي كان من أعظم أرباب السياسةِ , وخطيباً شهيراً وبطلاً صنديداً , وعائقاً في الأرض فاسدَ الأخلاقَ , يظلم بلا رحمةٍ , ويرحم بغير حدّ ولا قياس , لهُ مزيةٌ خاصة بهِ دون سواه. وهي أنهُ خُلق عجيب يخبر عنهُ آخر الدهر بكونهِ أكمل إنسان وجد على الأرض.
للكلام صلة
[الأناشيد الوطنية]
قال أحَدُ مشاهيرِ كتَّابِ الانكليز إِنَّ الذي يضعُ لحناً وطنيّاً لقومهِ يضعُ لهم قوانينَ جديدة وهو قول لا مبالغةَ فيهِ. إِذ أنَّ الأناشيد الوطنيةَ هي التي شحذَت السيوفَ , وحرَّرتِ الأرقَّاءَ , وكوَّنتِ الأُمم , ورفعت الممالك , ووحَّدَت قلوبَ أهل البلد الواحد. وهي التي تُذَكي نارَ الوطنيَّة , وتجلو صدأها؛ يتوكأ عليها قوَّادُ الأُمم إذا أجهدَهم السيرُ , ويهشّونَ بها على أتباعهم إذا حادُوا عن الطريق. ينشدُها الغريبُ فيذكر قومهُ , ويرفعُ بها المنفي عقيرتَهُ فيتذكَّرُ وطنهُ. فهي روحُ الوطنية , والوطنيةُ قوامُ البلاد؛ وهي رسولُ الشُّعور , والشعورُ منبتُ الوطنية. وهي الصلةُ بين القلوب؛ والقلوب منشأُ الشعور. وأفعلْ الأناشيدِ الوطنيةِ في الأفئدةِ وأشدُّها تأثيراً على النفوس ما وافقَ لحنُهُ الموسيقيّ ألفاظَهُ فامتزجا بمخيِّلةِ الشاعر الملحّن قبل أن