كراسوس. وبذلك تسلّط مدة عشر سنين على مجرى الأحوال الرومانية. ثم توفي كراسوس
في آسيا , ولم يبقَ بينهُ وبيم بمبيوس رجلٌ ثالث يمنع تماديها في الطمع ولبغي , عمد أولاً إلى استعمال الحيل لإِرجاءِ القتالِ بينهما , إذ كان قد شعر بسوء عاقبتهِ , حتى أنهُ لما تعذَّر عليهِ مجانبةُ القتال , اجتاز نهر روبيكون وسار لمساوة بمبيوس , وهناك ترك كما قال مدلاّ بسطوته , قائداً بلا جيش , وذهب إلى اسبانيا فشتت جحافل بمبيوس التي كانت بإمرة أفرانيوس. ثم غادر اسبانيا , واجتاز إيطاليا مسرعاً شاخصاً على أبيروس إدراكاً لعدوّهِ. فصادف بمبيوس نفسه وجعل يقاتله الكرَّةَ بعد الكرة , وكانت الوقعة الفاصلة لتلك الحرب الشهيرة سهول فرسال فتغلّبَ عليهِ , واستأثر بالسلطة المطلقة , فلاذ بمبيوس بالهرب منهُ خوفاً إلى أن لاقى أجله قتيلاً في مصر. ثم إنَّ قيصر جعلَ يتعقبُ بقايا حزب بمبيوس في أفريقية واسبانيا , وقهرهم كافةً , وفتح شمالي آسيا. ثمَّ عاد إلى رومية ليتلذَّذ بثمارِ انتصاراتهِ على جميع أعدائهِ ومناوئيهِ. ثم أسَّي فيها ما يعبَّرُ عنهُ بالإمبراطوريَّة الرومانية , ولكنهُ ذهب قتيلاً بفتكةِ الجمهوريين , لأنهُ أراد الإِسراعَ في وضعِ الاسم للمسمَّى , بعد أن ملك العالم مدة تزيد على أربع سنوات. فما سبق إيرادهُ من أخبار هذه الحياة يرى أن كل الوسائلِ والتدابير المذكورة كانت سيئة كالغاية التي سعى إليها قيصر. ولكن ينبغي أن يعترَف لهُ بالفضل من جهةٍ واحدة وهي أنهُ قصد أن يحوّل هيئة الحكومة من كونها جمهوريَّة إلى كونها إمبراطوريّة. ليس بأنواع القتل وسفك الدماءِ , كما فعل ماريوس وسيلاّ ,