[في رياض الشعر]
ردّوا على الأوطان عزَّا خلا
يحيي بك علمي شاب خبرة الفتية العثمانية المصرية جامع إلى شرف المحتد علوّ الهمة , وإلى الذكاء النادر براعة وافتناناً في ضروب الأدب والموسيقى. رزق في هذه الأيام غلاماً سماه مصطفى. وقد فرح أصدقاء هذا الفاضل بما أتمه الله عليه من نعمة الخلف ورأى صديقه خليل أفندي مطران أن يتحفه لهذا المناسبة بقصيدة فيها التهنئة وفيها العظة. فيها وصف بعض الحالات التي يكون عليها الأطفال وفيها ما هو جار من الأمور العتيدة التي أفضت بالشرق إلى هذا الانحطاط وإشارة إلى المستقبل وما يرجى منه على أيدي رجال الغد. ولقد وفق الشاعر إلى كل ما قصد وأخرج للناس ضرباً جديداً من الشعر فيه تفكهه ودرس مفيد قال:
يا سبط يحيي وسليلَ العلي ... حيّي الرضي طالعك المجتَلي
وسلّم الله الوليدَ الذي ... هلَّ فما أبهى وما أجملا
كأنَّ ذوب العاجِ صلصاله ... وأنَّ معنى الحبّ ما مثّلا
ناهيك بالعينين من قوّتيْ ... ذهن ومن نورَيْ حجيً أرسلا
كحسنهِ الحسن إذا ما غفا ... وذيدت الأعينُ إن تغفلا
محركاً في نومهِ ثغرَهُ ... كأن في الرؤيا رضاعاً حلا
لا الحلل الغراء من همهِ ... ولا يبالي باهراتِ الحلي
جذلانُ من نشوة أحلامهِ ... وأين منها نشواتُ الطلي
تراه قرباً وكأنَّ الكرى ... يحمله فوق السُهى محملا
كطائر يظهر تحليقهُ ... بمظهرِ الترجيح مما علا
فإن صحا فالدهر عبدٌ لهُ ... يرضيهِ مطواعاً وإلاّ فلا
وكل حميّ فمنوطٌ بأن ... يفهم ما يهوى وإن يفعلا
سيان في اللطف وفي الظرف ما ... أساء من أمرٍ وما أجملا