[في رياض الشعر]
المراسلات السامية
كنا قد نشرنا في السنتين الأولى والثانية الزهور شيئاً من المراسلة الشعرية التي دارت بين الشاعرين الكبيرين المرحوم محمود باشا سامي البارودي والأمير شكيب أرسلان , فلاقى ذلك الشعرُ النفيسُ استحساناً لدى الجميع. وها نحن ننشر اليومَ قصيدةً أرسلها الأمير شكيب , وهو في طبريّة , إلى المرحوم محمود سامي باشا يتشوَّق إليهِ ويعزّيه بفقد كريمةٍ له:
أيُّ ريٍّ بالصحف والأقلامِ ... لفؤادٍ إلى لقائِك ظامِ
وتناجي الأرواحِ بُعداً وفي القر ... بِ تَلاقي الأرواحِ والأجسامِ
كلما شئتُ شَدَّ رحلي إلى مص ... ر نَبتَ بي عوائقُ الأيَّامِ
تعتفي سَيرتي وبيني وبين ... النيل لم يبقَ غيرُ سهمٍ لِرامِ
ولقد طالما تمثّلتُ ذك الم ... ساء يجري وكنتُ في الأوهامِ
كم أراني الخيالُ لقباً وهذا ... غيرُ ما جاد طيفكم من لمامِ
وجذبنا من الحديث غُصوناً ... وسهرنا إلى نحولِ الظلامِ
وروينا من القريضِ الذي تس ... كر منهُ العقولُ من دون جامِ
وَنَجرْنا إلى القلوب عهوداً ... قد تمادت كذاك شأنُ الذِمامِ
سيقولُ الأميرُ ماذا الذي عا ... قَ وماذا يحولُ دون المرامِ
ما نأت دارُ من تُحبُّ وعيبٌ ... نقصُ ذي قدرةٍ على الإِتمامِ
بيننا ليلتانِ لكن مع الغي ... ب سواءٌ يومانِ أو ألْفُ عامِ
وعزيزُ اللقاء والإِلْفُ لم تش ... حط بهِ الدارُ زائدٌ في الهيامِ