أيغولُ مهجتيَ الكُماةُ وما لهم ... فخرٌ سواي إذا اغتدوا في مجمَعِ
وتُرى تخونُ الخيلُ فارسَها , وهل ... يُردى الحسينُ على يدَ المتشيّعِ؟
أو مَنْ لهم مثلي إذا عَبَسَ الوغى ... وتضاحكت أَنيابُ ثغرِ المصرَعِ
وتشاجرت سُمرُ القنا , وتجاذبت ... بذوائبٍ , والسيفُ شبهُ الأصلَعِ
ولقد بذذتُ السابقينَ فمَنْ لهم ... بوقوفِ سَيرٍ بالمكارمِ مُوضعِ
وبلغتُ من سامي الفخارِ وجاَءني ال ... تقريظُ من محمودِ سامي الأرفعِ
خنذيذَ هذا الدَّهرِ واحدِ أهلهِ ... مقدامِ حلبتهِ الأغرِّ الأبتَعِ
القائلِ الفُصحَ التي عن مثلِها ... يُثنى المقفَّعُ في بنانِ مقفَّعِ
لو جاَء في العصر القديمِ لما روى ... إلاَّ قصائِدَهُ لسانُ الأصمَعي
قد قادَ مملكة الكلامِ , وحازها ... أخذَ الأعزّةِ للذليلِ الأضرَعِ
أن يَعصِهِ قولٌ فلم يكُ لفتةٌ ... حتى يُذَلِّلَ مستقيمَ الأخدَعِ
سهلُ البيانِ عصيُّهُ للمحتذي ... فلأنتَ منهُ بين عاصٍ طيّعِ
خُلِقت له عليا اللغاتِ , فلو هفا ... نحو الركاكة جاَء كالمتصنّعِ
تغدو المعاني حُوَّماً حتى إذا ... سامَينَ فكرَتهُ هبطنَ بموقعِ
ما زال يُبدعُ قائِلاً حتى يَرى ... بِدَعاً على الأيامِ إِن لم يُبدعِ
إن أَجدبت أرضُ الخلائِقِ بالثنا ... فخِلالهُ للحمدِ أمجدُ مرتعِ
أو حارَ قومٌ في الشِّعابِ فإنهُ ... ربُّ المضيِّ على المضيءِ المهيَعِ
أضحى يطارِ حثني القريضَ , وهل تَرى ... مَن أصبَعٍ يوماً يقاسُ بأذرُعِ
أملي إليَّ قصيدةً فأذابَني ... خجَلاً وهيبةَ خاشعٍ متصدِّعِ
يا ابنَ الغطارفةِ الأُلى لم ينتموا ... إلاَّ بأزهرَ في النديِّ سُمَيذَعِ
لا غروَ أن يُرتجْ عليَّ بحضرةٍ ... إن قَابَلت شمسَ الضُّحى لم تَسطعِ
فلوَ أنَّ سحبانَ الفصاحةِ قائمٌ ... في بابِها ما قالَ غيرُ متعتعِ
فهناك ما بَهرَ الخواطرَ هيبةً ... وزري بعارضةِ الخطيبِ المصقعِ
كلُّ العقائلِ في حماكَ وصائِفٌ ... والمنشآتِ من الجواري الخضَّعِ
فاسلمْ رعاكَ اللهُ سابغَ نعمةٍ ... وأَعادَ عيشك للزمانِ الأمرَعِ
واعذرْ إذا قصّرتُ عن حقٍّ فلو ... أمليتُ أسودَ مقلتي لم أقنَعِ
[بعلبك]
زار المرحوم الشيخ إبراهيم اليازجي قلعة بعلبك فخفر على باب هيكل
باخوس بيتين من الشعر هما:
يا بَعْلَبكُّ فريدةَ ألأَزمانِ ... بالصنُّعِ والإِتقانِ والبُنيانِ
لم تُبقِكِ الأَيامُ في حَدَثانِها ... إِلاَّ لتُظهرَ قُدرةَ الرحمانِ
ثم زارها الشيخ اسكندر العازار فكتب على سبيل المعارضة:
يا مَعِقلاً فيهِ العقولُ تحيَّرت ... يا معبداً لمفرِّقِ الأَديانِ
لم تُبقِكَ الأيامُ في حَدَثانها ... إِلاَّ لتُظهرَ قدرةَ الإِنسانِ
ثم زارها الشيخ يوسف أبو صعب فكتب:
يا بَعلبكُّ عروسةَ الأَزمان ... ونديمةَ المرِّيخِ والميزانِ
لولا الذي في النفسِ منهُ بقيةٌ ... لأعدتُ فيكِ عبادةَ الأَوثانِ
[بين حافظ وعمون]
كتب حافظ بك إبراهيم في سنة ١٩٠٢ على صديقه داود بك عمون المصطاف يومئذ في جبل لبنان بالقصيدة التالية , قال:
شَجتنا مطالعُ أقمارِها ... فسالت نُفوسٌ لتذكارِها
وبتنا نحنُّ لتلك القُصورِ ... وأَهلِ القصورِ وزُوَّارِها