طابَ التجافي فلا تأساكِ قسمتُهُ ... إذا مللتِ فما يُشكيكِ من مللي
لسائمِ الودِّ إِمَّا يَنصرمْ بدَلٌ ... منهُ , وليسَ لراعي الودِّ من بدَلِ
دعي لياليَّ , أوطاني تطالبُني ... بها فلا تشغلي نفسي بلا شُغُلِ
وكفكفي الدمعَ , هذا الدمعُ يفتنُني ... أشجى الشِكايات عندي أدمعُ المقَلِ
هي اللآلئُ تطفو في المحاجر لا ... تختارُ للسبحِ إِلاَّ موضعَ الكَحَلِ
لو لم أكنْ شاعراً أصبحتُ حاسدَها ... فلؤلؤُ الدمعِ منهُ لؤلؤُ الغزَلِ
وعشنا على بؤس. . .
لياليَّ , أبلي من هُمومي وجدّدِي ... لكِ الأمرُ , لا تَقوى على ردِّهِ يَدِي
فما أرتجي , والأربعونَ تَصرَّمت ... ولا عيشَ إِلاَّ ينتهي حيثُ يبتدي
سكَتُّ سكوتاً لا يَرِبْكِ امتدادُهُ ... فلا خاطري باقٍ ولا الشعِرُ مُسعدي
ولا فيَّ من رُوحِ الشَّبابِ بقيَّةٌ ... ولستُ بمشتاقٍ ولستُ بموجَدِ
حزنتُ على الماضي ضلالاً؛ ومنْ يَعشْ ... كما عشتُ لم يحزَنْ ولم يتجلَّدِ
وما ليَ منهُ خاطِرٌ , غيرَ أنني ... عدلتُ فلم أفتكْ ولم أتعبَّدِ
سقى الله داراتِ القرافةِ ديمةً ... ترفُّ على قومٍ هنالكَ هُجَّدِ
تعوَّدَ كلٌّ بؤسَها ونعيمَها ... وعشنا على بؤسٍ ولم نتعوََدِ
أحنُّ إلى تلك المراقدِ في الثرى ... ولو أَستطيعُ اليومَ لاخترتُ مرقدي
فأنزلتُ جسمي منزِلاً لا يملُّهُ ... يكونُ بعيداً عن أعادٍ وحُسَّدِ
وما يتمنّى الحرُّ في ظلّ عيشةٍ ... تمرُّ لأحرارٍ , وتحلو لأعبُدِ
لقد أتعبتني , والمتاعبُ جمَّةٌ ... مسيرةُ يومي بين أمسيَ والغدِ
ألمَّا يئنْ أن يستريحَ مجاهدٌ ... ألمَّا يئنْ أن يبلغَ المنهلَ الصَّدِي
تزهَّدتُ في وصلِ المعالي جميعِها ... ومن يَطَّلبِهْا كأطّلابيَ يزهدِ
وبتُّ , تساوت في فؤادي مناهِجٌ ... تُؤدّي لخفضٍ , أو تؤدّي لسؤدُدِ
وإِنيَ في بيتٍ صغيرٍ مهدَّمٍ ... كأنيَ في قصرٍ كبيرٍ مشيَّدِ
عفا اللهُ عن قومٍ أتانيَ غَدْرُهم ... فربُّ مُسيءٍ عن تعمُّدِ
وكم من نُفوسٍ يستطيلُ ضلالُها ... ولكن مَتى ما تُبصرِ النورَ تهتدِ
فزعتُ من الآمالِ باليأسِ عائِذاً ... فإِن تُدْنني منها اللُّباناتُ أبعُدِ
فلا ترتعي منّي بقلبٍ معذَّبٍ ... ولا تنجلي مني لطرفٍ مسهَّدِ
فياريحُ إِن يعصف بي الشجوُ سكّني ... ويا غيثُ إِن يُضرمْنيَ الوجدُ أخمدِ
ويا ساكناتِ الطيرِ في دولةِ الدُّجى ... أرى , إِن دعاكِ الصبحُ , أن لا تغرّدي
لديَّ شِكاياتٌ , وأنتِ شجيَّةٌ ... فإِن تستطيبيها لشجوِكِ أنشدي
ولا تحسبي التقليدَ يُذْهِبُ حسنَها ... فكم حسناتٍ قد أتت من مقلِّدِ
تركتُ الغنى لا عَاجزاً عن طِلابهِ ... وأنزلتُ نفسي من منازلِ محتدي
وهذي بحمدِ الله منّي براَءةٌ ... فيا أُفْقُ سجّلْها ويا أنجمُ اشهدي
[ما كان]
تنأى فتُدنيكَ آمالٌ مكذّبةٌ ... لم تُبقِ ذكراً ولا هيأتَ سلوانا
قد كان ما كان من قلبي ومن نظري ... يا ليتَ ما كان قبلَ اليوم ما كانا
[الشاعر والليل والطيف]
اللهَ في وجدٍ وفي مأملِ ... مَنْ لي بعَودِ الزمَنِ الأَوَّلِ
قد كنتُ أشكو عُذَّلي في الهوى ... فصرتُ مشتاقاً إلى عُذَّلي
ملِلتُ عذبَ اللومِ جهلاً بهِ ... لو كنتُ أدري الحُبَّ لم أمللِ