للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تتركا لي في المدائحِ فَضلةً ... يجري بها قَلمي الضَّعيفُ ويَلحقُ

نفسي على شوقٍ لمدحِ أميرِها ... ويَراعتي بينَ الأنامل أشوَقُ

ماذا أقولُ وأنتما في مدحهِ ... بحرانِ باتَ كِلاهما يَتدفَّقُ

العجزُ أقعَدني وإِنَّ عزائمي ... لولا كما فوقَ السماكِ تُحلِّقُ

فليُهنئَ العبَّاسَ أنَّ بكفِّهِ ... عَلَمين هزَّهما الولاءُ المُطلَقُ

وليبقَ ذُخراً للبلادِ وأهِلها ... يعفو ويرحمُ من يَشاءُ ويَعتِقُ

عبَّاسُ والعيدُ الكبيرُ كلاهما ... متأَلقٌ بإزائهِ متأَلِقُ

هذا له تجري الدِماءُ وذا لهُ ... تجري القرائِحُ بالمديحِ وتعنقُ

صدَقَ الذي قد قال فيهِ , وحسبُهُ ... أنَّ الزمانَ لما يقولُ مُصدِّقُ:

لكَ مصرُ ماضيها وحاضِرُها معاً ... ولكَ الغدُ المتحتِّمُ المتحقِّقُ

[يا ليل الصب]

ضمّ مجلس طرب سعادة شاعر الأمير أحمد شوقي بك وطائفةً من الأدباء فغناهم مغنيهم

القصيدة الشهيرة التي مطلعها يا ليل الصبّ فطرب لها الحاضرون وسألوا شوقي بك أن يعارضها ففعل ونشرت مجلة الزهور معارضته مقترحة على الشعراء أن يحذوا حذوه فنظم في ذلك إسماعيل صبري باشا ثم وليّ الدين بك يكن ثمّ الأمير نسيب أرسلان.

أما الأبيات الأصلية فهي لأبي الحسن الحصري الضرير المولود في القيروان والمتوفي في الأندلس سنة ٤٨٨ هـ. وهي هذه:

يا ليلُ الصبِّ متى غَدُهُ ... أقيامُ الساعةِ موعِدُهُ

رَقَدَ السُمَّارُ وأرَّقَهُ ... أسَفٌ للبَين يُردِّدُهُ

فبكاهُ النجمُ ورقَّ لهُ ... ممَّا يَرعَاهُ ويرصدُهُ

نَصبَتْ عيناي لهُ شَرَكاً ... في النَومِ فعزَّ تصيُّدُهُ

صاحٍ والخمرُ جني فَمِه ... سكرانُ اللحظ مُعربدُهُ

يا مَنْ سفكتْ عيناهُ دَمي ... وعلى خَدَّيهِ تورُّدُهُ

خدَّاكَ قدِ اعترفا بدَمي ... فعلامَ جفونُكَ تجحدُهُ

باللهِ هَبِ المشتاقَ كرىً ... فلعلَّ خيالَك يُسعدُهُ

لم يُبقِ هواكَ بهِ رَمَقاً ... فلْيَبكِ عليهِ عُوَّدُهُ

وغداً يقضي أو بعدَ غدٍ ... هَلْ من نظرٍ يَتزوَّدُهُ

[أبيات شوقي بك]

مضناكَ جَفاهُ مرقدُهُ ... وَبكاهُ ورَحَّمَ عُوَّدُهُ

حَيرانُ القلبِ معذَّبُهُ ... مقروحُ الجفنِ مُسهَّدُهُ

أودى حَرَقاً إِلاَّ رَمَقاً ... يُبقيهِ عليكَ وتُنفِدُهُ

يستهوي الوُرْقَ تأوُّهُهُ ... ويُذيبُ الصخرَ تَنهُّدُهُ

ويُناجي النجمَ ويَتبعُهُ ... ويُقيمُ اللّيلَ ويُقعدُهُ

ويُعلِّمُ كلَّ مُطوَّقةٍ ... شَجَناً في الدَّوحِ تُردّدُهُ

كم مدَّ لطيفِكَ من شَركٍ ... وتأَدَّبَ لا يتصيَّدُهُ

فعساك بغمضٍ مُسعفُهُ ... ولعلَّ خيالك مُسعدُهُ

الحسنُ حلفتْ بيوسُفِهِ ... والسورةِ أنَّكَ مفردُهُ

قد ودَّ جمالَكَ أو قبَساً ... حوراءُ الخلدِ وأمرَدُهُ

وتمنَّت كلُّ مقطّعةٍ ... يدَها لو تُبعَث تشهدُهُ

جَحدَتْ عَيناكَ زكيَّ دَمي ... أَكذّلِكَ خَدُّكَ يَجحدُهُ

قد عزَّ شُهوديَ إذ رَمَتا ... فأَشرتُ لخدِّكَ أُشهدُهُ

وهمَمَتُ بجِيدِكَ أُشرِكهُ ... فأَبى واستكبَرَ أصيدُهُ

وهَززتُ قَوامَكَ أعطِفُهُ ... فنَبا وتَمنَّع أملدُهُ

سَبَبٌ لرضاكَ أُعطِفُهُ ... ما بالُ الخَصرِ يُعقِّدُهُ

بَيني في الحبِّ وبينَكَ ما ... لا يَقدرُ واشٍ يُفسدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>