مررت مُبكراً في الصباح بوليس الأزبكية في ميدان باب الحديد , ودخلت على حضرة المأمور أروم محادثتهُ لعلّي أن استفيد منهُ خبراً ما لجريدتي الأيام التي أنشرها في مصر منذ بعيد. وكانت بيني وبين هذا الموظّف النشيط صداقة قديمة العهد لم يكن يمنعني من أجلها شيئاً يجيزهُ لهُ القانون. وفيما نحن نتحدّث سمعنا ضجيجاً عالياً في باحة الدائرة , وصارخاً يصرخ ملء فيه: أين المأمور؟ أين المأمور؟ فالتفتَ إليَّ صاحبي وقال: أنَّ خلف هذا الصياح أمراً جللاً. فتبسمت وقلت: ذلك ما جئت إليك من أجله. ولم أكد ألفظ الكلمة الأخيرة حتى دخل علينا رجل فوق الخمسين من العمر تدلُّ ملامحهُ على القلق والخوف. ولم يتمهّل ريثما يسألهُ صاحبي عما يريد من مفاجأتهِ لنا على تلك الصورة بل قال: تفضَّل يا حضرة المأمور إلى منزلي نمرة ١٣ بشارع سلامة في شبرا , فقد ارتُكبِت الليلةَ فيهِ جناية فظيعة. إنَّ يداً أثيمةً امتدَّت إلى ابنتي في سريرها فقتلتها شرَّ قتلة. . . مسكينة أدماء! واهاً عليك يا أدماء!
فقال المأمور وقد مدّ يدهُ إلى التلفون: ومَن القاتل؟
فأجاب الرجل: لا أعرفهُ ياسيدي. أننا أطلنا السهرَ الليلة البارحة إذ كنَّا نعدُّ المعدَّات لحفلات هذا النهار , فقد كان اليوم موعداً لزواج أدماء بابن عمّها ووارثي الوحيد بعدها , ونمنا على أن نبكّر إلى العرس فبكَر إلينا المأتمز
وفيما كان الرجل يتكلم , كن المأمور قد أخذ يخاطب بالتليفون وكيل النيابة العمومية.
ولم تمضِ إلاَّ دقائق قليلة حتى وقفت بنا العربات أمام المنزل المعيَن. وكنتُ