قد استأذنتُ صديقي في مرافقتهِ فركبت إلى جانب والد أدماء , وفاتحتهُ الحديث قائلاً: ألا تشرّفني بمعرفتك يا سيّدي؟ أما أنا فاسمي: وسيم الريّان صاحب جريدة الأيام ورئيس تحريرها فقال: وأنا فرج الله خوري مصوغات وجواهر في لخان الخليلي. وكانت باحة المنزل حين وصولنا قد كادت تغصّ بايأس يتهامسون بينهم؛ فأمر المأمور رجالهُ بتفريقهم , ثمَّ دخل ودخلنا وراءَه فلقينا الخادمة تبكي بمرارة وتنأرّه على سيدتها. وكان هنالك أيضاً شابٌ في نحو الثلاثين من العمر يروح ويجيء قلقاً مضطرباً , ولم يكن في عينه أثر للبكاء قط؛ غير أنَ بياض المقلتين كان قد تحوّل إلى احمرار قرمزيّ كأن الدم جال فيهما بدَلَ الدمع. ثمَّ سأل المأمور صاحب الدار عن مكان وجود الجثة , فمشى أمامنا إلى غرفة في أقصى
المنزل وقال: هنا. . . . هنا غرفة أدماء. ودخلنا فأبصرنا على سرير في إحدى الزوايا فتاةً شاحبة اللون , وإحدى يديها ملقاة على جانبها الأيسر حيث تدفق الدمُ قضرَّج ملابس نومها البيضاء وأغطية فراشها. وهي ما تزال في السرير كأنها نائمة نومةً طبيعية , ممّا دلّ على أن قانلها فتك بها في خلال رقادها. وكانت على الأرضو حذاء السرير , سكّين حادّة من السكاكين التي تُستعمل في مطابخ البيوت؛ وهي ملوثة بالدم أيضاً. أما الجاني فلم يكن أحد يعرف شيئاً عنهُ؛ غير أنّ خفير الحيّ شهد بعدئذ بأنهُ أبصر في المنزل المقابل غرفةً بقيت مُنارةً معظم الليل , وخيال شابٍّ كان يروح ويجيء فيها حيناً بعد حين. ثمَّ انطفأ نورها في نحو الساعة الثالثة صباحاً. وأثَّر فينا جميعنا منظر الجثة وعلى مقربة منها الآلة القاتلة فارتعشنا واقشعرّت أبداننا. وكان الطبيب قد دخل الغرفة حينئذٍ؛ فجسَّ نبض الفتاة , ثمَّ انحنى بإذنه على صدرها يتسمّع خفقان قلبها. وكأنما خامرَهُ شكّ في موتها فأخذ مرآه وأدناها من فمها برهة , ثم تأملها فأبصر عليها شبه غشاوة مما دلهُ على أنهُ لم تزل في ذلك