للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هواجس النفس بين العامين]

ضافني السهاد ليلة أمس فسامرته حتى سئمت، فعفته ورحت استدعي النوم الساعة والساعتين، فبقي شارداً، فقلت: لا حول ولا. . . ثم أشعلت المصباح أدفع به وحشة الظلام.

وكان قد نام سكان الدير، وسكتت الحركة، فلم أعد أسمع إلا دقات ساعتي، كأنها تقول: الزمان يزول. . . فشعرت بوجيب قلب وخشوع، فقلت لنفسي: يا نفس لك من هذا السهاد فرصة ثمينة فاغتنميها، وتأملي قليلاً في شأنك، فعما قليل تصيرين إلى موقف بين عامين، مودع ومسلم، وتلك وقفة قل من استفاد منها. راجعي كتاب الماضي، وافتحي كتاب المستقبل، لكن الأمس قد عرفته، فتطلعي إذن إلى الغد. جولي في فضاء الخيال ثم لقني قلمي ما يمر بك من الهواجس، وأملي عليه ما به تشعرين!

فشعرت أن نفسي قد توقفن هنيهة كأنها رازحة تحت أحمال الانفعال والتأثر. هذا وحفيف الأوراق يزيد في وحشتي، وعقرب الساعة لا يزال يسير، فنظرت فإذا العام قد دخل في النزاع وأوشك أن ينقضي أجله.

فانقبضت إذ ذاك نفسي واندفعت تقول:

إلى أين أيها العام أنت مهرول في هذا الليل الدامس؟ وفي إحدى يديك مشعل يكاد ضوءه ينطفئ، وفي الثانية منجل مفلل. . . وعلى مَ أخذت معاجيل الطرق وعلى ظهرك أحمال الأيام تنوء بها؟. . . رويدك

<<  <  ج: ص:  >  >>