عين زحلتا قرية لطيفة يعرفها أكثر الذين اعتادوا الاصطياف في جبال لبنان؛ وألطف من القرية نفسها غابات الصنوبر التي تحيطها وأجمل من هذه وتلك منظر نهر الصفا المتدفّق عند قدم الجبل , وعلى بعد أمتار قليلة منهُ يركض نهر القاعة. كلٌّ من النهرين يسرد حكايته الأبدية على الأشجار المصغية إليهما بحللها السندسية. ويظلُّ النهران في اندفاع وشكوى , وروح الوادي تئن في أثرهما إلى أن تائم مياههما مياه البحر العظيم في الصيف المنصرم زرت عين زحلتا لأول مرة.
هنا سالت صور الكون الهيولية وذابت ذرات الأثير؛
هنا اجتمعت بلابل أرفيوس لتعيد ذكرى أوريديس ذات القلب الكسير؛ هنا تنهدت العطور تنهداتها الغرامية , وتحولت الورود إلى أشعة سحرية؛
هنا اغتسل قوس القزح , فترك في الماء من ألوانه ألحاناً فضية؛
ومن دماء الأحلام المتجمدة استخرج قوس قزح ألوانه السرمدية؛
هنا بعث الأفق بأسراره إلى الأرض مع خيوط من الأثير ذهبية؛
هنا نامت الأشباح بين أجفان بنات المياه , فامتزج النور بالظلام وتلاشت اليقظة بالمنام؛