لم تكن أوَّلَ من أساءَ إليها الرجلُ فإنَّ أمثالها كثيراتٌ ممن دفعهنَّ الجهلُ إلى ارتكاب ما ارتكبنهُ , وإلقاء تحيَّة الوداع على الفضيلة والعفاف. أليست أزقّتنا مزدحمة بأقدام هؤلاء البائسات؟ أليست المدن الكبرى قائمة على أطلال بابل , والرذيلة تمثّلُ أفظعَ أدوارها في زواياها المظلمة؟ أَليس السين والتاميز وارثَين لماء للتيبر الذي شربته رومية الفاجرة , وماء الفرات الذي ارتوت بهِ نينوى الزانية؟ أليست شوارعنا مسارح لتمثيل تلك الأدوار التي تقشعرُّ لها الأبدان , وتتململ لها العظام التي في القبور؟ أَهذهِ مدنيَّتك أيها العالم , وهذهِ فضيلتك أيها الإنسان؟
مستبدٌّ أنت؟
إن كنت ملكاً فكن عادلاً؛ وإن كنت بشراً فكن عاطفاً؛ وإن كنت غنيّاً فأنفق ثروتك في غيرِ الزوايا المظلمة. لماذا تحفر هاويةً لسقوط المرأة؟ كفى ما أوصلتها إليهِ من البؤس والشقاء
تائهة في باريس!
في تلك المدينة العظيمة؛ في ذلك الأوقيانوس المتلاطم؛ وحيدة لأبيتَ لها فتأوي إليه , ولا سقف تحته. للطيور أوكار , وللبهائم زرائب. وأما هي فليس لها أين تسند رأٍسها.
الرواية القديمة! باعت نفسها لرجل سامها في عرضها. أعطتهُ قلباً