للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحرب والسلم]

افتتاح قصر السلام في مدينة لاهاي

لا يُنكر أحدٌ أنَّ الحربَ مجلبةُ الدَّمار والبوار , ومدعاةٌ لخراب العباد والبلاد , لما يتقدَّمها ويصحبها ويليها من بذل الأموال وسفك الدماء وتخريب الأمصار. فهي من بقايا الهمجية ومن آثار التوحش. لذلك هبَّ قومٌ من دُعاة الإنسانية يناهضون فكرة التسليح ويعملون على إِبطال القتال بتعميم مبدأِ التحكيم العام والاِستناد إليهِ بدلاً من التعويل على السيف والدفع. فسخر منهم الآخرون , وعدُّوا أمنيتهم من قبيل الأحلام , وإِن كانوا وأِباهم متفقين على ويلات الحرب وفظائعهم. ذلك لأنهم يرون الحرب دائمة ما دام الإِنسان ذا طمع , وقد يُدرج الإِنسان في كفنهِ , ولا يموت الطمع في صدره. والتاريخ شاهد لا ترد شهادتهُ في هذا الموضوع. فإن الحرب في نظرهم شرٌّ ولكنهُ شرٌّ متحتم الوقوع. على أن أنصار السلم لم يعبأ وأبهزءِ الهازئين , ولا بتصنيع الحوادث أحياناً لآمالهم بل ظلوا يكتبون ويخطبون ويسعون لنشر مباديهم , حتى أخذت فكرة التحكيم العام في المشاكل الدولية ترسخ شيئاً فشيئاً في الأذهان. ورأينا أكثر من مشكلة في هذه السنين تُحَلُّ عقدتها بالطرُق السلمية , بعد أن كانت مثيلاتها في الماضي لا تُحل إلاَّ بظبي الحراب وبإشعال البارود. فكرة السلم العام خطرت لكثيرين من الفلاسفة والاِجتماعيين منذ

<<  <  ج: ص:  >  >>