زمنٍ بعيد , ولكنها لم تبرز بشكل حسيّ إلاَّ منذ نحو ربع قرن. وذلك أنَّ فريقاً من كتَّاب الإنكليز , وفي مقدمتهم مستر ستدِ صاحب مجلة المجلات المشهورة , رأُوا وجوب تعميم هذه الفكرة. وأوحي إلى البعض أن اسكندر الثالث قيصر الروس يميلُ ميلاً أكيداً إلى إِيقاف التسليح في العالم. فما كاد هذا الاعتقاد يتجسم في رأس مستر ستدِ , حتى نهض يعمل بجدٍّ واجتهاد لتحقيق تلك الأمنية. فكتب عريضة وقَّعها من كل ذي مقام في بلاد الانكليز , وقدّمها إلى حكومتها ملتمساً منها فيها مخاطبة الدول في سبيل إِيقاف التسليح وتحديده. فأرسلت وزارة الخارجية الانكليزية تلك العريضة إلى القيصر. وبينما القيصر يتحفَّزُ للعمل , نشبت الحرب بين الصين واليابان فكان من العبث محاولة إِقناع الدول بإيقاف التسليح , ودويُّ المدافع يقصف في بعض إِنحاء العالم , فاضطر القيصر إلى تأجيل العمل وحالت وفاته دون متابعة الأمر. غير أن القيصر الحالي الذي خلفه لم يكن أقلَّ منهُ رغبةً في ذلك فدعا الأمم إلى السلام ,
ولبَّث الشعوبُ نداءَهُ. وكانت نتيجة ذلك عقد المؤتمر الأول في لاهاي عاصمة هولندة سنة ١٨٩٩. ثم أراد أحد ملوك المال , مستر أندرو كارنجي , أن يشترك مع ملوك السياسة في هذا العمل المجيد , وأن يضع لمشروع السلام أثراً خالداً , فوضع سنة ١٩٠٣ تحت تصرُّف حكومة هولندة مبلغ مليون ونصف مليون من الريالات لإقامة البناء اللازم لمحكمة لاهاي وإِنشاء مكتبة عمومية لمحكمة التحكيم المستديمة. فسرَّ ذلك حكومة هولندة وزاد