ظهر في الشهر الغابر كتابٌ عنوانه حديقة الزهر وضعهُ باللغة الفرنسية حضرة الأديب واصف بك بطرس غالي , ضمنهُ بحثاً شائقاً في الشعر العربي وأنواعهِ وأساليبهِ , مع ترجمة مقطوعاتٍ شعرية منهُ. فقابل الفرنجُ هذا الكتاب بالارتياح لأنَّهُ عرَّفهم بشاعرية قومٍ لهم في عالم الخيال المقام الأرفع. ومن جملة ما ترجمهُ واصف بك الحادثة الآتية نرويها لقرّائنا في أصلها العربي , لما فيها من بلاغة الوصف وجمال الأسلوب:
بشر بن أبي عوانة والأسد
كان بشر بن أبي عوانة العبدي صعلوكاً: فأغار على ركب فيهم امرأةٌ جميلة , فتزوَّج بها , ما رأيتُ كاليوم. فقالت:
أعجب بشراً حَوَرٌ في عيني ... وساعدٌ أبيضُ كاللجينِ
ودونُهُ مسرحُ طرف العينِ ... خمصانةٌ ترفلُ في حجلينِ
أحسن من يمشي على رجلينِ ... لو ضمَّ بشرٌ بينها وبيني
أطال هجري وأدام بيني ... ولو يقيس زينها بزيني
لأسفر الصبحُ لذي عينينِ
قال بشر: ويحك من عنيت؟ فقالت: بنت عمك فاطمة. فقال: أهي من الحسن بحيث وصفتِ؟ قالت: وأكثر وأزيد , فأنشأ يقول:
ويحك يا ذات الثنايا البيضِ ... ما خلتني عنك بمستعيضِ