[فرعون وقومه]
هذه قصيدة لسعادة أستاذ الشعراء إسماعيل باشا صبري، وهي من خير ما قيل في آثار مصر. وقد ضمنها الشاعر نظرية جديدة، وهي أن هذه البنايات الفخيمة لم تتم إلا على يد عمال كانوا يطلبون الإتقان الفني إكراماً للفن لا خوفاً ولا طمعاً. ولا يضارع جلال هذه الأبيات وفخامتها إلا جلال وفخامة تلك الآثار:
لا القوم قومي ولا الأعوان أعواني ... إذا ونى يوم تحصيل العلى وإني
ولست - إن لم تؤيدني فراعنة ... منكم - بفرعون عالي العرش والشان
ولست جبار ذا الوادي إذا سلمت ... جباله تلك من غارات أعواني
لا تقربوا النيل إن لم تعملوا عملاً ... فماؤه العذب لم يخلق لكسلان
ردوا المجرة كداً دون مورده ... أو فاطلبوا غيره رياً لظمآن
وابنوا كما بنت الأجيال قبلكمو ... لا تتركوا بعدكم فخراً لإنسان
أمرتكم فأطيعوا أمر ربكمو ... لا يئن مستمعاً عن طاعة ثاني
فالملك أمر وطاعات تسابقه ... جنباً لجنب إلى غايات إحسان
لا تتركوا مستحيلاً في استحالته ... حتى يميط لكم عن وجة إمكان. . .
* * *
مقالة قد هوت من عرش قائلها ... على مناكب أبطال وشجعان
مادت لها الأرض من ذعر ودان لها ... ما في القطم من صخر وصوان
لو غير فرعون ألقاها على ملأ ... في غير مصر لعدت حلم يقظان
لكن فرعون إن نادى بها جبلاً ... لبت حجارته في قبضة الباني
وآزرته جماهير تسيل بها ... بطاح وادٍ بماضي القوم ملآن