يبنون ما تقف الأجيال حائرة ... أمامه بين إعجاب وإذعان
من كل ما لم يلد فكر ولا فتحت ... على نظائره في الكون عينان
ويشبهون إذا طاروا إلى عمل ... جناً تطير بأمر من سليمان
براً بذي الأمر لا خوفاً ولا طمعاً ... لكنهم خلقوا طلاب إتقان
* * *
أهرامهم تلك - حي الفن متخذاً ... من الصخور بروجها فوق كيوان
قد مر دهر عليها وهي ساخرة ... بما يضعضع من صرح وإيوان
لم يأخذ الليل منها والنهار سوى ... ما يأخذ النمل من أركان ثهلان
كأنها - والعوادي في جوانبها ... صرعى - بناء شياطين لشيطان
جاءت إليها وفود الأرض قاطبة ... تسعى اشتياقاً إلى ما خلد الفاني
فصغرت كل موجود ضخامتها ... وغض بنيانها من كل بنيان
وعاد منكر فضل القوم معترفاً ... يثني على القوم فيسر وإعلان
تلك الهياكل في الأمصار شاهدة ... بأنهم أهل سبق أهل إمعان
وإن فرعون في حول ومقدرة ... وقوم فرعون في الإقدام كفؤان
إذا أقام عليهم شاهداً حجر ... في هيكل قامت الأخرى ببرهان
كأنما هي - والأقوام خاشعة ... أمامها - صحف من عالم ثاني
تستقبل العين في أثنائها صور ... فصيحة الرمز دارت حول جدران
لو أنها أعطيت صوتاً لكان له ... صدى يروع صم الأنس والجان
* * *
أين الألى سجلوا في الصخر سيرتهم ... وصغروا كل ذي ملك وسلطان