قال بعضهم يوماً للدكتور شميل: إنك لمصيبة على الناس، لمغايرتهم في أفكارهم. فأجابه الدكتور: إذا جازت الشكوى فمن منا أولى بالشفقة، أنتم الذين مصيبتكم بي واحدة، أم أنا الذي مصيبته بكم متعددة!.
هذه النكتة التي رواها الدكتور في مقدمة الطبعة الثانية من كتابه فلسفة النشوء والارتقاء - وهو الجزء الأول من مجموعته التي هي قيد الطبع - تصور أحسن تصوير موقف الدكتور شميل تجاه البشرية. . . ويعرف ذلك أتم معرفة من جالسه وباحثه فسمعه يتذمر ويتأفف من حالة المجتمع الإنساني وخرافاته وسخافاته، شأن الذين لم يفهمهم معاصروهم. . .
صاحب كتاب فلسفة النشوء والارتقاء أشهر من نار على علم، قضى ثلاثين سنة ونيفاً وهو يحارب ويقاتل بقلمه - لأنه لم يكتب إلا ليشن الغارة على ما يراه من الأوهام في أبناء جنسه - وهو من هذا القبيل أجرأ كاتب عرفناه في الشرق، وأمثاله في الغرب ليسوا بالعدد الكثير. يبحث وينقب ويستقري، مستنيراً بنور العقل والطبيعة، ولا يخشى في إعلان نتيجة بحثه واستقرائه ولو كان فيها ما يغضب ويؤلم ويخالف معتقد عموم الناس - وهي كثيراً ما تكون من هذا القبيل. وكفى برهاناً على ذلك