وانطبقت عليهم الفرسان البراق من كل جانب فبرّحوا بهم القتل وانهزم الباقون، ثم عاد القوم إلى القتال وطالت الحرب بينهم، تارة لقوم البراق وأخرى عليهم، إلى أن أظفره الله بأعدائه وامتلأت أيديه من الغنائم وانقادت له قبائل العرب. وكان قد فك أسرى قومه، واسترجع الظعائن وكانت من جملتهن ليلى، واصطلحت القبائل بعد ذلك وأقروا للبراق بالفضل والشرف الرفيع.
أما عمرو بن ذي صهبان خطيب ليلى فإنه أرسل إلى ليكز والدها يستنجزه وعده في أمر ابنته. فلم ير بداً من إجابة دعواه. إلا أن ابناً لكسرى ملك العجم حال دون مرامه فأرسل فرساناً سبوها في طريقها وحملوها إلى فارس مرغمة. فبقيت هناك أسيرة لا ترضى بزواج. ولما ضيق عليها العجم وضربوها لتقنع بمراد ملكهم استصرخت بالبراق وبأخوتها في قصيدتها المشهورة.
فلما بلغ بني ربيعة استنجاد فتاتهم استفزتهم الحمية وخنقتهم العبرة. فحشد البراق الفرسان وسار إلى بلاد العجم. ولم يزل يكد ويسعى حيناً بالقتال وآخر بالحيلة حتى خلص ليلى من يد مغتصبيها، وأعادها إلى ديار بني ربيعة. فأثنى عليه قومه ثناء جميلاً وتزوج بليلى وتولى رئاسة قومه زماناً فأعطى وكسا وقرى وصارت ربيعة بحسن تدبيره أوسع العرب خيراً لما حازوه من الغنائم وكانت وفاته قبل الإسلام بقرن ونصف تقريباً.