لا زلتَ ترفُلُ في وشاءِ سعادةٍ ... وحبيرِ عافيةٍ , وعيشٍ أمرعِ
فأجابه الأمير:
أتُرى يَحلُّ هواكِ بين الأضلُعِ ... ويحلُّ لي بسواكِ ذَرْفُ الأَدمُعِ
وأبيتُ أُشركُ فيكِ في دين الهوى ... وأكونُ للتوحيدِ أَوَّلَ مدَّعِ
وتظلُّ تشردُ بي لغيرِكِ صبوةٌ ... هي من سجوِفكِ في المحلِّ الأمنَعِ
وأسيمُ في روضِ الحسانِ موزّعاً ... قلباً وَهَى بالحملِ غَيرَ موزَّعِ
قلبٌ عليكِ تختَّمت أبوابُهُ ... ما نحوَهُ لسواكِ طرقةُ مَطمعِ
إنّي طويتُ عن النَّسيمِ شغافهُ ... إِنْ جاَءني من غيرِ تلكَ الأَربُعِ
وحجبتُ عن كلِّ العواطِفِ حُجْبَهُ ... إلاَّ الحنينَ لبدر ذاك المطلِعِ
وأبحتُ إِلاَّ في الغَرامِ هوادةً ... ومنعتُ إِلاَّ أَنَّةَ المتوجّع
أَضَحتْ تُغايرُ في هواكِ جوارِحي ... حتَّى ليَغضبَ ناظري من مِسمَعي
وأغارُ مِن طرفي لغيركِ ناظراً ... لمحاً ولو شيمَ البروقِ اللمَّعِ
ولوِ استطعتُ الشمسَ ذدتُ لعابَها ... عن وجنتَيكِ ولو سَعَتْ في بُرقُعِ
ولقد أَغارُ لهاجسٍ من خاطرٍ ... من سرّ مهجةِ راهبٍ متورّعِ
يمشي إليكِ ولو بأعمقِ قلبهِ ... ويشيرُ بالأفكارِ لا بالإصبَعِ
دَرَّعتُ حسنكِ بالكمالِ , وفتيةٍ ... من حولِ خدرِك حاسرينَ ودُرَّعِ
في كلّةٍ تَذرُ الضراغمَ عندَها ... من ذِلَّةٍ أمثالَ عُفرِ الأَجرَعِ
ما للمطامِعِ في الوصالِ ودونَهْ ... خفرُ الشريعةِ والرّماحِ الشرَّعِ
نَفسي الفدا لمقنّعٍ هَجَرت لهُ ... أجفانُهنَّ شفارَ كل مقنَّعِ
تتهافتُ الأوهامُ عن حُجُراتهِ ... مني بمتنعِ الوجيبِ مشيَّعِ
ذاكَ الحمى إِلاَّ على من سِرَّ ضميرِهِ ... وحللتُ بالإقدامِ قلبَ المصنَع
هِيَ زَورةٌ تحتَ الظلامِ وَرَدتُها ... فرداً بلا عَضُدٍ. . . بلى قلبي معي!
فنظرتُ من ذاك الهِلالِ لنيّرٍ ... وعلقتُ من ذاكَ الغزال بأتلعِ
وأسفتُ في نَهل الشفاهِ وعَلِها ... ما ليسَ يعذبُ بعدَهُ من مكرع
بتنا كأنَّا خَطرةٌ في خاطرٍ ... أو وَهلةٌ حلَّت فؤادَ مروَّعِ
نبَّهتُ بالأَغزالِ هاجِعَ حُبِّها ... وحُماتَها من غافلينَ وهُجَّعِ
وسقيتُها كأسَ الهوى دهَقاً ولم ... يحلُ الهوى إِلاَّ بكأسٍ مترعِ
متلّمييَنِ مِنَ العناقِ كأنَّنا ... قوسٌ خلا لزيادةٍ من منزَعِ
أروي غريبَ حديثِ أحوالِ الجوى ... والراحُ ليسَ يطيبُ غيرَ مشعشعِ
وصلٌ أَعادَ الشملَ أيَّ موصَّلِ ... لكن أعادَ القلبَ أيَّ مقطَّعِ
عاطيتُها صرفَ الهوى , وعفافُنا ... طولَ التلازم لم يُشَبْ منْ موضعِ
كانت مضاجعُنا تَنثُّ كما لَنا ... لو كانَ يوجدُ منطقٌ للمضجعِ
واللّيلُ يكتمُ ما ينمُّ بسرِّهِ ... أرَجُ النسيمِ سرَى بمسكٍ أضوَعِ
وترى المجرَّةَ في السماءِ كأنَّها ... درٌّ تَناثَرَ من سماءٍ مُضرعِ
حتى إذا شقَّ الدجنَّةَ شوقُها ... للقا ذكاَء وشابَ فُودُ الأَسفعِ
ورأيتُ أسرابَ النُّجومِ تتابعتْ ... بفرارِها مَصعَ النعامِ الأمزَع
ما كان أحوجَنا بذاك لآيةٍ ... تأتي لنا في عكسِ آيةِ يوشعِ
زحزحتُ عنها ساعدي وتركتُها ... دونَ الكرى من تحتِ عبءٍ مضلعِ
وطلعتُ أعثرُ بالسيوفِ ولو درى ... أهلُ السيوف مقامتي لم أفزَعِ