وقد أُعلنت حركة جديدة بمساعي عديدة جرت في السنوات ١٨٠٥و١٧٠٧و١٨٠٩ , فتألفت عصابة كالعصابة الماضية وجعلت تكبر حتى صارت جماهير غفيرة وتألبت شعوب أوروبا الوسطى عند تلك الحركة التي كانت معتبرة تكراراً للحركة السابقة , لأنهُ لم يكن ينقصها شيء لتماثلها مماثلة تامة من مثل التردُّد في أثناء الطريق وازدياد السرعة عند الاقتراب من الغاية. وأُدركت باريس , وهي الغاية الأخيرة لتلك الحركة , وكان من وراء ذلك انكسار نابوليون وجيوشه وأن نابليون ذاتهُ لم يُعدّ شيئاً مذكوراً وصارت أعماله الأخيرة تستثير الشفقة عليهِ والنفور منهُ. ومع ذلك بدت صدفة جديدة تعجز الإفهام عن إدراكها , فإن المتحالفين كانوا يبغضون نابليون ويعتبرونهُ سبباً لجميع نكباتهم وكان يُقضي عليهم في ذلك الحين , عند زوال مهابتهِ وتقلص ظلّ قوَّتهِ واتهام الناس له باقتراف
الجرائم والغدر , إن ينظروا إليهِ بنفس المقلة التي كانوا ينظرون إليهِ بها قبل ذلك العهد بعشر سنوات وبعده بسنة واحدة , أي أن يروا فيهِ لصاً نبذتهُ الشريعة إلاَّ أن صدفة غريبة لم تجعل الناس يعتبرونهُ ذلك الاعتبار. ولكنهُ لم يكن بعد قد أكمل تمثيل دوره. فإن ذلك الرجل الذي كانوا يعتبرونهُ لصاً نبذتهُ الشريعة أُرسل إلى جزيرة تبعد يومين عن فرنسا وأعطيْ تلك الشعوب تسكن , وهدأت الأمواج الزائرة وعقبها في ذلك البحر الساكن تموجات لطيفة ركب متنها سياسيون كانوا يتوهمون كانوا يتوهمون أن الفضل من ذلك السكون مرجعهُ إليهم وعاد البحر إلى الهيجان , فاعتقد أولئك السياسيون أن الخلاف الذي نشأ بينهم كان أصلاً لذلك الهيجان , وباتوا يتوقعون انتشاب حرب بين وإليهم وبانت لهم تلك الأحوال مأزقاً لا مخرج التي كانوا ينتظرونها , بل كانت هي نفس الأمواج الأنفة الذكر آتيةً من باريس