التعب , وتعبهُ هو الراحة , على حدّ قول القائل:
إنما الراحة تبدي ... لٌ لنوع التَعَبِ
والتداوي نصَبٌ ... يُشفى بهِ من نصَبِ
ما صفةُ ذلك الجنى. . .؟
لا تكلّفوها شاعراً قديراً , ولا كاتباً تحريراً , ولا حكيماً خبيراً؛ بل ليسأل كلٌّ منكم نفسهُ عما أحسَّ وتصوَّر حين جلسَ إلى البحر مثل تلك الجِلْسَةِ. جنيت من تلك الرحلة الفكرية تعباً مرُيحاً , وأردت تدوينَ ما كسبهُ ذهني من محصولها , فعجزت عن أقلّهِ , ولم يسعني سوى أن أتنفس الصعداءَ بهذا النداء:
أيها البحر الشائقُ المهيب:
ماذا يبلغ علمُ إِنسانٍ جاهلٍ ضعيف من أسرار جلالك وجمالك؟ إذا طغَتِ الموجةُ من أمواجك فاستجمَعَت خضراءَ , وانحذفت رابية شماءَ , تأخذ العنان بعفُرتها البيضاء , فأيّ فكرٍ يُكبرُها إِكبارَها , وإن هي منك إِلاَّ أُلعوبة تتجدُّدُ كلَّ ثانيةٍ , وأعجوبة بينا هي الأولى
إذا هي الثانية. فإذا ملك النفسَ وملأَ الحسَّ إِعظام تلك الآياتِ , فما الذي تفعله الرَّوعةُ بالمتطلّع حين تهبطُ الرابية , وتنفعر لها الهاوية , فتقصف وهي متداعية , حتى تَنِشَّ نشيشاً , وقد تكسّرت إلى ألوف أجزاءٍ من الماس