أن تشمل الأهم وهو الجسم الاجتماعي نفسهُ. ولو كانت هذه الشفقة في الشرائع اليوم ترمي إلى إصلاح الجاني لا يعتني بها كثيراً في الشرائع حتى اليوم. وكل ما تفعله هذه الشرائع لمصلحة الاجتماع هي أن تحبس الجاني وتكفَّ شره عن المجتمع إلى حين. وكثيراً ما يضيف الجاني إلى عيوبه وهو في السجن عيوباً أخرى يكتسبها من مخالطته لسائر الجناة المحبوسين معه في سجن واحد. فلا يخرج من السجن حتى يعود إلى جنايته بجسارة وتفنن لم يكونا له من قبل. فتخفيف العقوبة على الجاني لم تفد الاجتماع بل
ذكر بعضهم أن القتل كان يزيد كلما قلَّ القصاص بالقتل. وليس في الأمر غرابة والدواء على ما تقدم. حتى ولا القتل نفسه يستطيع بالإرهاب أن يقلّل القتل عسى أن يستطيع الجاني أن يستغفل نظام الاجتماع وينجو من عقاب مؤجل. ولذلك رأى بعضهم أن يشغَّل الجاني في سجنه حتى يدفع ثمن جنايته فيكتسب عملاً نافعاً ويعوّض على المجنيّ عليه ويُرهَب لطول الإقامة حينئذٍ في السجن. وهو أقرب الآراء إلى العدل مهما قام عليه من الاعتراضات. ويلزم حينئذٍ أن لا يقبل عن شغله عوضاً ولو كان ذا مال ويشمل التعويض حوادث القتل التي كثيراً ما يذهب فيها التعويض المدني هدراً فيفقد الإنسان عزيزاً له ويفقد معيِّلاً كذلك. على أن الجاني نفسه مظلوم , وظالمه نظام الاجتماع نفسهُ سواء عن جهل لقلة انتشار العلم أو عن حاجة لقلة توفر العمل أو عن مرض لتطرّق