وعلَّمهم أن الحرية حقٌّ , والعدلَ واجبٌ , والمساواة طبيعية. فأصبحوا لا يرضونَ بالذُّل , ولا يرضخون للاستبداد. وما زال كالكهرباء يغلي الدّم في عروقهم , ويثيرُ الشعورَ في قلوبهم , حتى كان منهُ أن خَلَع عبد الحميد. أمَّا نشيدُ الجمهورية الصينية فأشهرُ من أن نشيرَ إليهِ. وهو أكبر برهانٍ على أنّ الأناشيدَ الوطنية هي التي ترفعُ الأمم من وهده الانحطاط. وهل كان يجول بفكرٍ أحدِنا أنّ الصين تصير يوماً ما جمهورية؟؟
نظرة إلى مصر بعد كل ما مرَّ بنا
لا يوجدُ في هذا القطرِ ما يُطلقُ عليه نشيدٌ وطني سوى سلام الخديو هذا الخديو له الفخار وهو ليس مما يدفع القومَ لبذل النفس والنفيس في سبيل بلادهم. وما عداهُ فأناشيدُ يترنم بها أطفال المدارس في الاحتفالات. وجلُّها بل كلها من نظم شاعرِ الأمير أحمد شوقي بك وهي ممَّا يشكرُ عليها. إلاَّ أنها ليسَ لها الوقع الذي غيرها من الأناشيد الوطنية. والسبب على ما أظنُّ كون شوقي بك شاعراً غير ملحِّن. وقد اقترحَ بعضهم في الجريدة منذُ ثلاثة أعوام وضع جائزة لمن ينظم أحسن نشيدٍ وطني. ولا أرى لذلك فائدة. إذ أَن النشيد الذي يجب أن يكون نشيد مصر الوطنيّ لا يكون الباعث عليهِ حبُّ المال. واليوم الذي تجتمع فيهِ الوطنية الحقة والشعر والموسيقي في قلب احد أبناء النيل هو اليوم الذي نسمع فيهِ نشيدنا المنتظر؟