أتشكو عذاباً في الضلوعِ وأنتَ قد ... جعلتَ بحرّ النار صدريّ حَرَّانا
جرى الدمعُ غازيّاً عليها زادَها ... سعيراً ولمَّا هجتَ خلتُكَ بركانا
وساءكَ أن تنتابَها سِنةث الكَرى ... وسرَّكَ أن أرعى السوافرَ سَهرانا
عهدتكَ ذا رفقٍ بها صائناً لَها ... فلاتكُ في عهدٍ لمولاكَ صوَّانا
ألم يكُ إنساناً لها ابتهجت بهِ ... ولم تكُ تهوى غيرَهُ قَطُّ إنساناً
أتتركه قَرْحَي ومولاك ناظِرٌ ... يعزُّ عليهِ أن تُقَرَّحَ أجفانا
كمِ التمستْ منك الهُجُوعَ لأن ترى ... دموعاً بنحرِ الطيفِ تُعْقدُ مَرجانا
فمِمَّنْ تعلّمتَ الجفاَء ولم تكُنْ ... ترى غيرَ مولاك الأنيسَ إلى الآنا
تُنفّذ أمرَ الدهرِ فيَّ وما عنا ... أبيٌّ لذي حيفٍ لهُ أنقاد مِذعانا
أما أنت تدري أنَّ مولاك مَوثلي ... إذا بان للعينيِ أو عنهما بانا
وقامَ بنصري منذُ عهدِ صبائهِ ... وما خانَ عهدي قَطَ بل غيرُهُ خانا
ولستُ أرَى غيرَ ابن عمّي أخي ولا ... أرى أبداً أبناء آدمَ إخوانا
فما أكثرَ الإِخوانَ في مَذهب الهوى ... وليسوا إذا نالوا هوى النفسِ خُلاّنا
ومَن عجمَ الأخلاقَ لم يكُ سائِلي ... على مَنْحِ قلبي لابن عمّيَ برهانا
ولم يُلهِهِ عَنّي نعيمٌ غَنَا لَهُ ... وصَعْبُ شقاءِي إن فكرتُ بهِ هانا
وهانَ عليهِ أن أحلّ بأرضهِ ... كما حلَّ إسرائيلُ في أرض كنعانا
فموسى من المنّانِ قد نالَ منّه ... ولقياهُ مَنٌّ ما بهِ كان منّانا
فيا قلبُ سرْ واسكنْ إليهِ فأنتَ ما ... فُطرتَ لترضى غَيره فيك سكّانا
بحرمةِ أشواقي إليه توقَّ أن ... يرى فيك ناراً لوَّعتنيّ أزمانا
فدّعها بصدري خوفَ لذعِ أناملٍ ... على الطرس قد خطَّت بياناً وتبيانا
وإلاَّ فكن كالبدرِ بالشمسِ مزهراً ... وما فيهِ نارٌ بل بأنوارها ازدانا
أحبُّ إليهِ أن براها كما رأى ... بحوريبَ موسى النارَ مرتفعاً شانا