للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من زمن بعيد من الخطورة والأهمية ما جعلها من أمهات البلاد السورية على ما هو مقرر بالإجماع.

وجل ما نذكره في هذه النبذة موقعها وقدمها وشعوبها ومشاهيرها ومرافقها وما يتصل بها من أحوالها مستندين فيها إلى أوثق المصادر وأثبت الآثار فعسى أن تصادف قبولاً عند القراء الكرام.

إن حلب واقعة في جوف بعيد الأكناف والأطراف في جهة سورية الشمالية وتبعد عن البحر المتوسط ٧٠ ميلاً أو ١٥٠ كيلومتراً وهي في درجة ٢٥ َ ١١ ٣٦ ْ من العرض و ٩ َ ٣٧ ْ من الطول الشرقي على ما قاله فانديك في مرآته الوضية.

تتوسد جوفها المطمئن إلى رياض وبساتين نضرة وسهول واسعة خصيبة يكتنفها ربى وتلال مجدبة قاحلة كما هو الغالب في جبال سورية ويجري إلى جانبها نهر قويق الذي دعاه كزينوفون (خالسن) ويعزى الآن إلى قويق آغا الذي أصلحه وكان يلقبه أهل الخلاعة (بأبي الحسن).

ولا تبدو حلب للمسافر إلا عن كثب فيراها متراصة مركومة بعضها فوق بعض. وأول ما يشاهده منها قلعتها المشهورة ومناور جوامعها ومآذن مساجدها وقباب كنائسها العظيمة

ومنازلها الكبيرة وبين شبهة أبنيتها وخضرة بساتينها وحمرة رباها مشاهد رائعة ومناظر فاتنة تدهش الأبصار وتأخذ بمجامع القلوب.

وكانت المدينة محاطة بالأسوار فلا يؤذن في البناء خارجاً عنها حتى ضاقت على أهلها في أواخر القرن الثالث عشر فشرعوا يشيدون من

<<  <  ج: ص:  >  >>