حولها حارات بانقوسا والأكراد والهزازة والجديدة والمشارقة والكلاسة وما أشبه. وفي أواخر العصر الماضي اخذوا يبنون أيضاً أحياء الجميلية والعزيزية والتلل والسليمانية والنيال والحميدية وما يتصل بها حتى كاد البنيان الحديث يعادل القديم.
وأما حاراتها القديمة فحسنة على الجملة وأسواقها مرصوفة وأزقتها ضيقة وبيوتها مبنية من الحجر الأبيض وتشابه دور دمشق وأما أحياؤها الحديثة فبالغة حد الإتقان وأبنيتها متقنة الهندسة وشوارعها مرصوفة الجوانب على طرز المدن المستحدثة وأطول طرقها وأوسعها طريق الخندق الذي مده رئيف باشا من دار الحكومة إلى محلة الجميلية.
وشرب أهلها من آبار نابعة ومن صهاريج تجتمع فيها مياه الأمطار ومن قناتها التي تجري إليها من جيلان على مسافة ثلاث ساعات شمالاً وتتفرع في القني إلى الدور والمساجد والخانات والحمامات والقساطل ويقال إن هيلانة أم قسطنطين الكبير هي التي جرتها إلى الكنيسة العظمى فعرفت بها ولا ريب في أن ماء حلب عذب فرات.
وشتاؤها معتدل تشتد نوافحه في شهري كانون الأول والثاني وتكثر فيهما الأمطار والثلوج وأما صيفها فليست وغرته بمفرطة ولو تصاعد فيها إلى ال ٤٠ درجة من المقياس المئوي وذلك لنشف هوائها وهبوب الريح الغربية عليها في حمارة قيظها فتلطف أوارها وترطب هواءها في معظم ساعات النهار. ولهذا ترى حلب طيبة السكنى معتدلة الجو تصح به الأجسام.