والقرون. فنهضوا نهضة من يريد أن يعتاض بالاجتهاد، عما أضاعه من الأوقات. وأخذوا ينسجون بجد ونشاط ثوباً يسترون به عريهم قبل أن تسقط أسمالهم البالية. ونفخوا الرماد الذي ذرته الأيام على نار أذهانهم ليوقدوا من القبس الباقي مصباحهم.
هذه هي النهضة التي سرت روحها بين غروب القرن التاسع عشر وبزوغ القرن العشرين في مصر والشام والعراق والمغرب وسائر البلاد التي تتفاهم بالعربية.
بين غسق القرن الغابر، وغلس القرن الحاضر، بزغت شمس هذه النهضة الفكرية، في سماء البلاد العربية. بعد أن تقدمها شهاب من النور، في السنين السالفة كما يتقدم شروق البدور.
ولقد كان لإعلان الدستور في الممالك العثمانية كبير تأثير في هذه الحركة. فإن ثوره الأبلج بدد ما تبقى من السحب، في سماء العرب. فراق الجو، وانقشعت غيومه، وصاف أديمه. بعد أن كادت غياهب الاستبداد تطفئ كل نور ونار.
نبغ في الأقطار العربية كتاب أعلام، وشعراء عظام. أخذوا أهبتهم ونزلوا إلى الميدان. فجال فريق منهم جولات صادقة ذكرتنا مفاخر الماضين، فقلنا: إن أولاء الأبناء من أولئك الآباء. وهم - وإن كان عددهم قليلاً - سيكونون لنا خير أساتذة يؤملون بإرجاع العصور الذهبية، للآداب العربية.
ونزل فريق إلى المضمار على غير ما يكفى من التمرين والترويض