صوَرٌ وتشابيه , وأسماء وألقاب , هيهات أن تنطبق على حقيقة الواقع وواقع الحال. وليس من اسم ينطبق على هذا المسمى المسكين أحسن من الاسم الذي وضعهُ ميشله المؤرّخ الفرنسوي الشهير لما سمى المرأة الجريحة الأبدية كيف لا وهي جريحة ابنةً وزوجةً وأماً. . . .؟
بل كلها جروح دامية إذا تناولها إعصار هذه الحياة فتلاعب بها كما يتلاعب بأوراق الخريف , وطرحها أخيراً في مواخير البغاء , فتصبح ثغراً ضحوكاً باسماً , وقلباً خفوقاً دامياً؛ تغازل بالعين , وتبكي بالأخرى؛ وتداعب باليد , وباليد الثانية تسند فؤاداً تُصدّعهُ الذكرى. جمع أحد مشاهير المصوّرين حياة إحدى هذه التعيسات في خمسة رسوم بديعة الوضع والصنع. ففي الأول: صورة فتاة طاهرة ساذجة عند وصولها من قريّتها إلى المدينة؛ وفي الثاني: وقوعها بين مخالب أحد الذئاب البشرية؛ وفي الثالث: نزولها إلى
بيوت الفحشاء؛ وفي الرابع: نزولها في السجن , لأن الفاقة ساقتها إلى السرقة؛ وفي الخامس: امرأة ناحلة جرداء , عليها أسمال بالية , وهي تمدُّ يدَها إلى المارّين تستعطيهم هاتفةً: أعطوني حفظ الله أبناءكم من بناتي. . .! هذه هي صورة أكثر النساء اللواتي وُصمنَ بوصمة العار وهي صورة غنية عن الشرح والتعليق. ولكنَّ هناك فرضاً واجباً يتحتم علينا قضاؤه. فقلب هذه المرأة المسكينة كان ضحية الهيأة الاجتماعية. فعلى الهيأة الاجتماعية أن تضمد جرحه , وهي أدمتهُ؛ وتداوي قرحة , وهي أحدثتهُ. فتسكب عليهِ بلسماً , لا خلاًّ يزيده ألماً.
قال فيكتور هوغو: أيها الرجل - وكلنا هذا الرجل - لا تحتقر أبداً امرأة سقطت , لأنك لا تعرف تحت أي حمل ثقيل رزحت نفسها المسكينة