وقد قالت حضرة الكاتبة عاذرة، بنوع ما، التي تتبع المودة ناسبة هذا لمهارة يديها بعد أن تكون حافظت على نظافة الملابس، فتمكنت من قلبها حسب الذوق الدارج، وقد أتت عبارتها هذه في محلها من الحق والعدل. على أنه يقال في هذا ما قيل في تلك، أعني إن المرأة البارعة التي تتزين بفضل مهاراتها وتفننها، ولا تتبع المودة إلا بعد أن تكون حافظت على إتمام واجباتها هي من العدد القليل، وليس لإصلاحها تأثير يذكر في بابا لخراب الواسع. وكم من زهرة ضاعت بين أشواك فخنقت، وكم من نجمة سترت تحت غيوم السماء فحجبت نورها عن الأبصار. فلم يظهر للناظر إلا الظلام الحالك وهكذا نحن لا يمكننا إلا أن نرمي في مقالنا إلى العدد الكبير أي إلى اللواتي يصرفن الغالي والرخيص في اتباع ما تختلقه ربات الأزياء، وهذا أمر أصبح أشهر من نار على علم. فكم من رجل
يئن لبذخ امرأته. وعدم مراعاتها أحواله، وكم من أولاد أشرفوا على التهور في دركات الهلاك، ووالدتهم بشاغل عنهم في إعداد الزينة والتفنن بها. وكم من أب أحنت ظهره متاعب الأيام، وبيضت شعره أهوال الزمان، غير أنه يبكي الآن لما يشاهده من اعوجاج الأزياء، وترك البساطة القديمة وعدم اللياقة في الأثواب، فأصبح ينظر لابنته المتقلدة نظرة المهيب الموبخ وإذا لم تعبأ بنظرته يئس وقال: حبذا يوم أرى فيه مماتي جاهلتي هذه تبذل النفس والنفيس لتتمثل بالعاقلة، وتتحلى نظيرها بحلى العلم والفضيلة، التي لا تشوبها شائبة ولا تؤثر فيها الأهواء والأزياء: وإننا نرى مثل هذا الأب آباء يبذلون كل ما في وسعهم ليبثوا روح البساطة وسلامة الذوق في