للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عواطف نفسه. وإذا صحَّ رأينا فيهِ , ونحن لا نعرفهُ , كانت نفسهُ أميلَ إلى الحزن واليأس منها إلى الفرح والرجاء. فإننا ما قرأنا لهُ قصيدةً خاليةً من وصف همومهِ ومتاعبهِ وشكاياتهِ أو من إِشارة إلى ذلك على الأقل. فكنا نتخيلهُ من خلال معانيهِ عبوس الوجه معقَّد الجبين ليس على شفتيه ابتسام , ولا في ظواهر وجههِ ما ينمّ عن رضى في نفسه. وفي يقينا أن نارَهُ التي لم تطفأ منذ استهلَّ ديوانه في الصفحة الأولى بأبيات الإهداءِ حتى ختمهُ في الصفحةِ الأخيرة بالخاتمة إلى صديق هي التي أحرقت ألفاظهُ وذهبت برونقها , وملأت ديوانهُ عواصف وزوابع , وهموماً وأشجانا , وآلاماً وأوجاعاً , ويأساً ودموعاً حتى اشتبه علينا قول شوقي: خُلِقَ الشاعرُ سمحاً طرباً. ولقد كنَّا نودُّ لو كان المجال أوسعَ فننشر للقراءِ شيئاً من قصائدهِ يزيدهم معرفةٍ بهِ ولكننا نجتزئُ بالمقتطفات التالية للدلالة على الأسلوب الذي يسير عليهِ والمعاني التي يتناولها في شعره:

قال بعنوان: فتىً في سياق الموت:

نعدُّ أنفاسَهُ ونحسبُها ... والليلُ فيهِ الظلامُ يلتطمُ

إذا خروجُ الحياةِ أجهَدَهُ ... تساقطت عن جبينهِ الدّيمُ

صدرٌ كصدرِ الخضمّ مضطربٌ ... جحافلُ الموتِ فيهِ تزدَحِمُ

إن قام ملنا لهُ بمسمَعِنا ... أو نام خفَّت بوطئِنا القدَمُ

كأنما الخوفُ من تردُّدهِ ... خيلٌ لها من رجائنا لُحُمُ

خلناهُ قد ماتَ وهو في سنةٍ ... ونائمَ الجفنِ وهو مخترمُ

قد قلَّصت ثغرَه منيتُهُ ... كأنهُ للحِمامِ يبتسِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>