القيود على المقيدات والصفات على الموصوفات وإعادة الضمير إلى ما يريد تجاهله أو التعريض به. ويسهل على الشاعر أيضاً أن يفصهم عرى الروابط اللغوية والوصل والمتعلقات بقدر ما تسوغ له الجوازات الشعرية وليس في النثر شيء من ذلك فإنه إذا نحي فيه منحى الشعر ساق ذلك إلى الالتباس والاستغراق.
ومعلوم أن المعنى في الشعر أقرب إلى الفهم مما في النثر. خذ مثلاً مرثية المتنبي في أم سيف الدولة واقرأ الصدر من كل بيت فتدرك عفواً المعنى الذي تضمنه العجز.
ناهيك أن الشعر كلف بالتشابيه الرائعة والمجازات البديعة والكنايات المستملحة والمبالغات الظرية، فإذا نما فيها وأنمى أطرب الألباب وبلغ مبلغاً عظيماً من الألذاذ والإعجاب بخلاف النثر فإنه إذا تعددت فيه الصور المخيلة والتشبيهات والمجازات ظهرت به الكلفة واستولى على القارئ سأم أو مجه الذوق كارهاً. ولئلا يقال إننا نرسل الكلام اعتباطاً، دونك قطعة من مقالتي الغربة والغربية للإمام شهاب الدين الخفاجي:
لما هزتني أريحية الشباب، إلى اقتعاد سنام الأرض على غارب الاغتراب، وقد أجدبت الأرض من كل ماجد، يجتني جنى المجد ويجني له ثمار المحامد، وتعطلت من كريم تلتف عليه المحافل، وتسير في ظلال أعلامه الجحافل. . . اقسمت ببيت سالت ببطحائه أعناق المطايا، وثمل ركبانه بكأس السرى في الغدايا والعشايا. آه. .
في ذلك كفاية ليشعر ذو الذوق السليم ببدء سآمة، مع أن لهذا