للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العظيمة! كانت كالفرَس الجموع الشامس الذي لم يروّضه حديد اللجام , ولم يكبح جماحه عسجد الزمام

كان متين الكفل , آبداً , مضرّج الحجول بدماء الملوك , كان أبياً عتياً , يقرع بساقيه المجدولتين أرضاً قديمة عرفت الحرية لأول مرة

لم تكن مرّت عليه قط يدّ بشرٍ لتسومه الضيم والإهانة , ولم تكن خواصره الضامرة قد اطمأنت يوماً إلى سرج الأجنبي

كان لماَّع الوبر , برَّاق العين , مرتجّ الأرداف ينتصب على رجليه فيرتجف العالم رهبة من دوي صهيله

وحينئذ برزت إلى العالم. ولما رأيتَ هيأته وخواصره اللينة أيها الفارس الكمي قبضت على ناصيته وامتطيت صهوته

ولما كان هذا الفرَس ولوعاً بخوض الحروب , شغوباً برائحة البارود وقرع الطبول , جعلتَ له الأرض مضماراً , والمعامع تسليةً

وحينئذ لم يبقَ له من الراحة حظ , ولا من النوم نصيب , بل هناك جريٌ مستديم , وعَدْوٌ مستمر , فيطأ دائماً أبداً أشلاء الرجال كما يطأ الثرى , وهو مضرجٌ بالدماء حتى لبانهِ

خمسة عشر عاماً ظلت سنابكه القاسية في جريه السريع تطحن الأمم , وهو مطلوق العنان مصعّد الأنفاس يرو ويغدو على صدور الشعوب

<<  <  ج: ص:  >  >>