الألمان يعتقدونه شاعراً صوفياً وكتاب الفرنسيس يرون فيه رجلاً يهوى الخمر والنساء كما يبدو من ظاهر أشعاره. أما الانجليز والأميركان فلا رأي خاص لهم فيه بل كل أقوالهم عنه تقليدية مأخوذة عن غيرهم من الأمم وإذا كان فتس جيرولد وقد نقل رباعيات الخيام إلى لغة الانجليز شعراً بشعر وأذاع صيته في تلك البلاد وحبب لبني السكسون شاعر الفرس العظيم فليس معناه أن الانجليز هم الذين عرّفوه إلى العالم
على أن أبناء اللغة العربية لا يعرفون من عمر الخيام إلا ما نقله إليهم الغرب من تأليفه ورباعياته. ولولا ما بذله الفرنج من المجهود في سبيل أحياء هذا الشاعر ما وصل إلينا خبر من أخباره حتى أن أديبات الفرس التي نحن أحق الناس بمعرفتها وتقديرها قدرها لقرب اللغة الفارسية من اللغة العربية غابت عنا محاسنها ولا نجد منا من اطلع عليها بحيث يستطيع نقلها إلى العربية ولاشك أن نقل آداب لغة إلى لغة أخرى يستلزم مواهب وصفات شتى منها الاقتدار الطبيعي في الناقل وتضلع حقيقي في اللغتين يمكنه من فهم أسرار اللغات وإدراك روحها إدراكاً تاماًّ. ومنها صفات أخرى كسبية أوجدتها فيه ظروف الزمان والمكان بحيث تسهل عليه ترجمة العواطف والإحساسات على اختلافها وتباينها ترجمة صحيحة
فإذا لاحظنا كل هذه الاعتبارات ولاحظنا أيضاً أن رباعيات بن الخيام هي من أسمى ما جادت به قرائح البشر على عالم الأدب اعتقدنا أن ناقل هذه الرباعيات إلى العربية وهو وديع أفندي البستاني قد قام بعمل جليل وقدَّم للعربية وأبنائها خدمة لا تنسى. وسنبقي الكلام على مكان