للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من مسارح أحلامهم البليدة إلى عالم المحسوس!!! لكنَّ شيئاً آخر أذهلني في مقالها , وهو اتّهامي باحتقار العلوم. سامحها الله؛ نعم قد اتهمتني! لقد نسبت إليَّ أقوالاً لم أرِذ قولها , وصوَّرتني صور جميلة قبيحة (لكنها قبيحة أكثر منها جميلة) في وقت واحد , إذ جعلتني فتاة تنظر من سماء أحلامها الذهبية إلى عالم الاختراعات العصرية والاكتشافات العلمية نظرة الاحتقار والازدراء. فتاة غريبة الأطوار , كدت لا أعرف نفسي في هذه الصورة , ولكني لم ألبث أن فكّرتُ في أن الصديقة الفاضلة تقصد مداعبتي. ولعمري أني أُحبُّ مداعبة يدها اللطيفة وإن ظلمت وجارت

يتنازع السيادة في عالم الأفكار عنصران: العنصر الروحي والعنصر المادّيّ. فالمادّيون يقولون إن الغنى هو السعادة وأن أهمَّ واجبات الإنسان هو السعي وراء الثروة للتوصل إلى السعادة عن طريق التجارة. والروحيون يعتقدون أنَّ الإنسان خلق لغاية أسمى من الغنى , وأن سعادته الحقيقية لا توجد في التجارة ولا تتأتَّي من الأرباح الناتجة عنها , فيذهبون بتأملاتهم على ما وراءِ المحسوس معسعسين آثار هذه السعادة التي تذوب لإلى لقياها الأرواح , باحثين عن الجمال المطلق المقرون بالكمال المطلق , وهذا هو المحور الذي تتيهُ حولهُ الأنفس الملتهبة بنيران حبّ الجمال وحبّ الحقيقة. فهذه الفئة (وهي من أعلى طبقات البشر أدبياًّ) لا تجد حظوى

<<  <  ج: ص:  >  >>