للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأميال والمدارك. وقصارى الكلام أني أؤكد للسيدة لبيبة أنَّ حبَّ الفن منحة الهية تخلق مع الإنسان وتنو فيه على التمادي كلما تقدم في السن؛ هي صفة جميلة غريزية لا اكتسابية كالعلوم واللغات والصنائع. هي نفخة من روح الله الأبدية السرمدية. وليس القصد من الفنون البهرجة , كما تظنُّ حضرتها , وإنما القصد منها تلطيف الشعائر , وإعلاء الفكر وتجريده عن الدنايا , ولمس الروح بيد الجمال ودفعها إلى ما هو عظيم شريف. القصد منها تهذيب الأميال وإفهام الإنسان أنَّ القوى الإلهية الراقدة في طيات نفسه تفرض عليه واجباتٍ؛ حبها شرف , والعمل بها مجدٌ. لا يضاهي. القصد منها تنوير الإفهام وتنبيه العواطف الكريمة في قلبه , كالشجاعة والمروءة والصدق والحزم والرحمة. ولئن عجبت من قول رسكن كل شعب يرتقي عنده الفنُّ وتمجيدهِ وتعظيمهِ , وإظهار الخطة التي يجب على كل فنيّ انباعها. ليس لرُسكن فلسفة , إن لم تكن فلسفة الانتقاد الفني , وأراهُ أعظم ناقدٍ فنّي في انكلترا بل أوربا بأسرها إذا وضعنا معهُ فاين الفرنساوي الكبير. وقد ظهر رُسكن في النصف الأخير من القرن التاسع عشر وتوفي منذ سنوات قليلة تقول حضرة الكاتبة أيضاً أن لا فرق عندها بين حذاءٍ حسن الصنعة وقصيدة بديعة النظم ما دام يجب لإتقان كل عمل قوة عقل. وا لوعتاه على درر الأفكار تنزَّل فتلامس الأحذية! فحضرتها والحالة هذه لا ترى فرقاً بينها وبين الخياطة التي تزين الثوب بالزركشة

<<  <  ج: ص:  >  >>