أنها لا تؤلف إلاَّ ذرة من ذلك الكائن العظيم الذي يعجز الإنسان عن الوصول إليهِ , فإن لكل إنسان غاية خاصة وفي الوقت عينه يخدم الغاية المشتركة التي يقصر العقل البشري عن الوصول إليها إن النحلة التي تطير عن الزهرة تقع على ولد وتلسعهُ , فيصير الولد يخاف النحل ويتوهم إن غاية النحل في هذا العالم لسع الناس إن الشاعر يعجب بالنحلة التي تمتصُّ من كأس الزهرة , ويصير يتوهم
إن غاية النحل امتصاص شذا الأزهار إن المشتغل بتربية النحل يلاحظ النحلة وهي تجمع اللقاح وعصير النباتات لتغذية اليعسوب وصغار النحل ويصير يتوهم أن غاية النحل بقاء الجنس إن النباتي يلاحظ أن النحلة تنقل اللقاح من أحد النباتات إلى عضو التأنيث في زهرة أخرى لتلقيحها , فيصير يتوهم أن غاية النحل التلقيح إن نباتياً آخر يلاحظ أن النحلة تساعد على نقل النباتات من مكان إلى مكان آخر , فيصير يتوهم أن غاية النحلة نقل تلك النباتات ولكن الغاية الأخيرة للنحلة ليست في الغايات الأولى والثانية والثالثة التي مرَّ بيانها , والتي يستطيع عقل الإنسان أن يكتشفها وكلما أكثر المرءُ من البحث عن حقيقة تلك الغاية الأخيرة تجلى له أن عقله يرتدُّ كليلاً عن الوصول إليها ولا يمكنهُ إلاَّ أن يلاحظ العلاقة المشتركة بين حياة النحلة والحوادث الطبيعية الأخرى. فهو يبقى محصوراً في نفس الدائرة الضيقة للبحث عن غايات الحوادث والأشخاص الذين يذكرهم التاريخ فيظلُّ عاجزاً عن البلوغ إلى الغاية الأخيرة