بقي في هذا الصدد أن أقول مروراً للذين تمنّوا لو أبقيت اسم أوتللو كما أورده المؤلف , إنني لم أوافقهم على هذا لأنني كرهت أن أُثبت في العربية اسماً من أسمائهم على الرطانة التي حرَّفتهُ إليها العجمة لغير ما سبب سوى الشهرة التي اكتسبها على تلك الصورة , في حين أنهُ لا يتعذَّر علينا إكسابهُ مثلها وهو مردود إلى أصله التقديري أو التحقيقي من غير أن نسوم مسامعنا جراحة تحريفهِ. ذلك ما أوحى إليَّ اليقين أنهُ
خير وأولى بعد هذا التفسير الذي تقاضتني إياه بعض الصحف , ونفر من الأصدقاء ,
ارجع إلى رواية ولي فيها مبحثان موجزان , من جهة الأصل , ومن جهة التعريب
أما من جهة الأصل فأقول أن أضع هذه الرواية إنما هو نابغة الادهار في فنهِ وأعني بهِ شكسبير. وضعها لإظهار الغيرة وتأثيره في الرجل بأقوى وأصدق ما دلَّ عليهِ الاختبار من أمرها , ولذلك اختار عاشقاً أفريقياً بدوي الفطرة - ليكون وثَّاب الشعور عنيفهُ - عسكريَّ المهنة - ليكون سريع التصديق والانخداع - مكتهلاً أي في أوَّل الانحدار من سنّ الأربعين - ليكون أشدّ في التعشق كما هي شيمة أمثاله ممن يسطو عليهم الحب بعد انقضاء الشباب وليكون أيضاً في الحالة التي يتهم فيها الإنسان نفسه بفقدان أكثر الصفات التي يقتضيها الغرام ولا سيما حيثما يكون المستهام أسود البشرة من إحلاس الحروب , والمستهام بها بيضاء منعمة من قوم فسدة الأخلاق مترفين ذلك هو الغرض الأساسي العام الذي رمى إليه شكسبير فأصاب بهِ دقائق الحقائق إصابة كانت في جملة ما حمل أكابر المفكرين وأعاظم المكتبة على الشهادة له بأنهُ أخبر خبير بخفايا القلوب , وأمهر كشاف لخباياها ثم إنهُ أدار حول هذا المحور غرضين ثانيين: أحدهما إثبات أن العفة لا تنتفي من مدينة مهما فسقت بل قد تزداد تمكناً من نفس المرأة المتحصنة بمقدار ما تندر العفة بين جيرتها وفي عشيرتها , والثاني تبيين الاحتيال ونهاية ما يبلغهُ من نفس رجل