للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المئة والخامسة أي نحو منتصفه , وتتلوها ليلة أناشيد العلا فليلة الوداع وهي مسك الختام. ومَن قرأ بسمة الربيع ص ١٠٧ وأغنية الروح الحزين ص ١١٢ فأغنية النار فعرش الجبابرة لم يشكّ في أنه يقرأ شعراً هو كل الشعر لولا أنه غير مقفَّى وغير موزون - استغفر الله - بل هو كل الشعر لأنهُ طليق من هذه القيود. ولئن كان للشاعر الناظم بحور يجتازها بما عنده من أصول سلك البحار , فإن للشاعر الناثر أجنحة يرفرف بها فوق بحار المعاني حرًّا مطلقاً , وأخلق بهِ أن يكون أقرب إلى ربَّة الشعر وأحب إليها. ولنرجع بعد هذا الاستطراد إلى أناشيد العلا فأقول أنها ستة فصول مندمجة في ليلة واحدة وأسلوبها يكاد يكون نثراً مرسلاً , لأن العبارات في الغالب طويلة وغير متقطعة كما في أناشيد الليلة السابقة , ولكنهُ يسميها أناشيد وقد أصاب في ذلك. فيظهر مما تقدَّم أن نصف الكتاب شعر نثري يجسّ فيهِ الكاتب أوتار النفس فيثير عواطفها بما يُشعرها بجمال الطبيعة فيطربها , أو بحقيقة البشر فيؤلمها. ولنرجع إلى صفحة ١٠٥ وما إزاءَها ووراءَ فننتهي حيث كان يجب أن نبتدئ لولا أن ما يتراءَى حول سطور الليلة الأولى ولو أحقها من أشواك السياسة وقتاد الانتقاد قد يخنق قلماً رطباً لم يجرِ

(ولن يجري إلى حين) إلاَّ في مثل صفحات الزهور. فإذا رجعنا إلى تلك الصفحة وهي إلى اليسار ونظرنا ذات اليمين وقعت العين على سؤال يلقيهِ صاحب الليالي على الروح الحائر وهو: وهل أحببتَ هذه؟ سؤال يتوارى

<<  <  ج: ص:  >  >>