ولو عقلوا قيَّدوا نفسهم ... ومن لك بالمطلق العاقلِ
فتلك القيودُ ضمان العروشِ ... توطّدها في المدى القابلِ
حقوق الملوك بتقديسها ... دعاوى على الحقِ للباطل
همُ ميَّز الله أشخاصهم ... بشيءٍ ولكن رضي الخاملِ
بني الشرق هبُّوا فقد طالما ... زحفتمُ في الدَّرّك السافلِ
إلى مَ تنامون عن حقكم ... وتعبث فيكم يدُ العاملِ
ويظلمكم رجلٌ واحدٌ ... وأنتم عداد الدُّبى النازلِ
فدونكم العلم فهو المحرّ ... ر والرّق لازمة الجاهلِ
وخلّوا الديانات طيَّ القلوب ... وكونوا عن الخلف في شاغلِ
ألم تنظروها غدتْ آلةً ... لتفريقِ جمعكُم الحافلِ
ولا ترهبوا الموت فالموت لا ... يؤخرُهُ وَجَلْ الواجلِ
داود عمون
إن في هذه الأبيات لصورةً معنوية لشاعرها الكبير. ولئن كنا قد اخترناها لهذا الجزء فلأنها
أشبه شيءٍ بمرآةٍ تتجلى فيها نفس داود بك عمون. ففي الجزء الأوَّل منها وصفٌ ينطبق على الشاعر انطباقاً تاماً , وفي سائرها أفكار ومبادئ عرفها الناس في هذا الرجل المتقد ذكاءً وعزماً. فهي لمن عرفوا داود عمون ولمن لم يعرفوه صورة عنهُ وعن أفكاره طبق الأصل وإنما نشرناها مع صورتهِ لتكون متممة لها.