للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما رأت قبلكِ عيني ... وردة تحمل فُلاّ

أما تلك العيون التي أن رَمت قتلت , فبسوادهنّ تفاخر الأندلسيات كلّ حسان العالم , وقد خطر على بالي بعض أبيات للمرحوم الشيخ خليل اليازجي بعد أن كنت قد هجرت ونسيت الشعر وأهله. أما الأبيات فهي:

بيض الصوارم تفدي الأعين السودا ... فتلك لا تبتغي للضرب تجريدا

وأسمرُ الرمح يفدي العطف منثياً ... فذاك لا يبتغي للطعن تسديدا

وأما ذلك الفمُ الصغير الجميل الذي يفترُّ عن دور , ويبسمُ عن أقحوان , فقد نطقت جوارحي عند رؤيته , قبل أن ينطق فمي بقول بعضهم:

وفم كصدري ضيّق لكنَّ ذا ... يحوي اللهيب وذاك يحوي الكوثرا

وأما تلك الأيدي والزنود الجميلة فلا أجد في وصفها قولاً أوفق وأتم مما قال الشاعر:

وزندين لو لم يمسكا بدمالج ... لسالا من الأكمام سيل الجداول

والأندلسيون أهل كرم وأنس. وقد اقتبسوا من العرب الأنفة والمرؤة وإكرام الغرباء. ولم تزل إلى الآن ملآكلهم تشبه كثيراً المآكل العربية , ودورهم حافظة أيضاً شكلها الشرقي الجميل القديم فكل دار لا تخلو من فسحتين عند مدخل الباب الكبير , تفصل بينهما قنطرة شرقية الشكل , وفي وسط الساحة الثانية بركة مياه , والأزهار مرصوفة من حولها , مما يجعل للبيت رونقاً جميلاً ويزيد أهله استعداداً حسناً للانشراح وتعاطي كؤوس الراح. والنساء مثل رجالهنّ أهل طرب وأنس. ويمتزن عن باقي النساء

<<  <  ج: ص:  >  >>