للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى ذلك سبيلا. فإذا استطاع ذلك قلَّت رغبته في التخلي ولو أشابه كرّ الغداة ومرّ العشيّ. ومثله كمثل العجوز من النساء , فإنها تفتأ تتبرّج وتتزين كأنها بالدهر منها هازئ. وإذا تاقت نفوس ذوي الصيت والسمعة إلى السعادة يوماً , فيكفيهم أن يسمعوا بها ممن يتطلب مكانتهم ويسعى في الحصول على ما لهم من السطوة والسلطان. لأنهُ لا يحبّب الصيت للإنسان سوى أن مئين من الناس يتمنون ولو بجدع الأنف أن ينالوا مناله. ولو علم الناس بما يلاقيه أصحاب المكانة السامية من المتاعب , لا كتفوا بما لديهم. ولكن:

لا يعرف الشوق إلاَّ من يكابده ... ولا الصبابة إلاَّ من يعانيها

وأحدنا أول من يشعر بهمومه ومتاعبه وآخر من يحس بعيوبه ومثالبه وقد لا يستطيع من يقوم بشأن الناس أن يقوم بشأن نفسه , فيكون أجهل الناس بحاله ويكون الناس أرف بهِ منهُ. وأن المكانة السامية تمكن صاحبها من صنع الخير وعمل الشر. وخير ما ينحني من

عمل الشر هو النية الصالحة وعدم القدرة على اتيانهِ. وأما صنع الخير فهو أسمى المقاصد وخير ما تطمح له النفس الفاضلة ومن كانت نيته صالحة فإن له عند الله ثواباً وأجراً. أما الناس فلا يؤمنون إلاَّ بما يرونهُ أمامهم من الأعمال الصالحة. وليس في طاقة أحد الناس أن يصنع ما ينويهِ من خير , إلاَّ إذا كان قادراً ذا سطوة ونفوذ. ولم يكن لله في خلق الإنسان من غرض سوى أن يكون الإنسان مخلوقاً خيراً ,

<<  <  ج: ص:  >  >>