التاريخ والأدب والاجتماع قديماً وحديثاً. وكثيراً ما وقفت عندها أكثر مما وقفت عند المتن. ويظهر أن لهذا الكاتب البليغ في كل فن أثراً. فكتبه تدل على اجتهاد قلما عرف في كتّاب الشرق. وكأنه أراد أن يأخذ على نفسه إعادة من نبغ في حلب الشهباء من أعلام الأدباء. فيقضي أوقاته بالتأليف والتصنيف ولا تخلو النتيجة من أمثال فنلون التي عربها
نثراً ونظماً من رشاقة وجزالة في التعبير ولكن الإنشاء الساذج كان أولى بها. وكنت قرأت منها شيئاً في مجلة الضياء فاستحسنتها.
ومن غرائب الاتفاق أنني ما انتهيت من تلاوة البرهان السديد ومؤلفات الأب شلحت حتى فتحت مقدمة السبرمان تأليف سلامة أفندي موسى والسبرمان هو ما يسميه الإفرنج أو أي فوق الإنسان وهو مذهب نيتشه الفيلسوف الألماني الرامي إلى استئصال الرحمة من بني الإنسان لأنها ضربة على الإنسانية وجريمة فظيعة لأنها تخلد الصفات الرديئة في الشعوب فيجب تفسير الحياة بحب القوة وكره الضعف، والعلم على ترقية الإنسان إلى درجة السبرمان وذلك بالتحرير الاقتصادي القائم على السوسيالية وبالتحرير الأدبي بشكلٍ ينقرض معه الدنيء ليبقى العالي. وهذا مذهب يطول البحث فيه ولا مجال لي اليوم إذ لا يزال أمامي كتب عديدة وأنا مضطر إلى إرجاء الكلام عنها إلى العدد القادم.