الروايات والمقالات والقصائد ما لا نعرف ما يوازيه قدراً ومقداراً من مؤلفات كتّاب العصر. لم يمض على وفاتهِ إلاَّ ثلاثة عشر عاماً وبضعة أشهر , حتى راشت المنية سهماً جديداً ورشفته إلى تلك الأسرة فأصابت كبد شقيقه الشيخ أمين , وقد اغتالت في هذه الفترة , بين موت الشقيقين , خالهما أديب العصر الأكبر , الشيخ إبراهيم اليازجي , آخر أنجال الشيخ ناصيف , فكانت خسارة الأدب بالثلاثة فادحة , وكانت صفقة الموت بهم رابحة. شعر الشيخ أمين في السنة الغابرة باشتداد التعب عليهِ , فسافر في أوائل هذا الصيف إلى جبل لبنان للراحة والاستشفاء , فما ردَّ وطنه عنه مقدوراً , ولا أَكسبهُ راحة , ولا جاد عليهِ بالشفاء من الداء , فمات في عين قني من قضاء الشوف , بعد أن ارتوت نفسه من مرأى وطنه , وشبعت عيناه عن مناظر جباله ووهاده. الشيء الذي مات أخوه نجيب متشوفاً إليهِ , متحسراً عليهِ , فقال وهو محتضَر:
مات النجيب فأرخوا قبراً له ... قد مات مشتاقاً إلى لبنان
ولد الشيخ أمين في بيروت سنة ١٨٧٠ بعد ميلاد شقيقه الشيخ نجيب بثلاثة أعوام , ومات وهو في الثانية والأربعين من عمره , فكان نصيبه من هذه الحياة عشر سنوات أكثر من نصيب أخيهِ. وقد تلقى دروسه الأولية في مدارس سوريا , وأخذ العربية كشقيقهِ عن خاليهِ المشهورين إبراهيم وخليل اليازجي: