للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كاسيوس - أعرف بك هذه الفضيلة كما أعرفك. خفّف عنك. إني أسوقُ إليك حديثاً موضوعه الشرف. ما الحياة؟ إني أجهل رأيك ورأي الناس في قيمة هذه الحياة الدنيا. أما أنا فسيَّان عندي الموت والحياة إذا كان لابدَّ لي من العيش خائفاً من نفسي. . . لقد ولدت حرّاً مثل قيصر. أو لستَ أنت حرّاً أيضاً؟ تغذَّينا كلانا من غذائهِ. وكلانا يتحمل برد الشتاء كاحتماله. فإني كنت مرة مع قيصر على شاطئ نهر التيبير في يوم مطير ذي ريح عاصفة. وأمواج النهر تودُّ لو استطاعت التملص من شاطئيه فتلطمها حَنِقةً غضبى. فقال لي قيصر أتجسر يا كاسيوس أن تقفز معي إلى هذا النهر الشرس فنسبح إلى الضفة الأخرى. فامتثلتُ الأمر حالاً ووثبتُ إلى الماء وقلتُ له اتبعني. فتبعني. وتدفق السيلُ وعلا خريره فأخذنا نكافحه بأعصاب كَلِبَةٍ ندفع الأمواج غير هيابين فتندفع. وما كدنا نصل إلى هَدَفِنا حتى سمعتُ قيصر ينادي إليَّ يا كاسيوس أو أغرق فانتشلتهُ من ماء التيبير مضنوكاً كما انتشل جدُّنا الأعلى اينياس العجوزَ أنشيزيس من نيران ترواده الملتهبة. وها قد صار هذا الرجل إلهاً وبقي كاسيوس رجلاً تعساً , عليهِ أ، ينحني خاشعاً إذا تكرَّم قيصر ورمقهُ شزراً. إنهُ أصيب بالحمى في إسبانيا فكان يرتجف ورأيت شفتيه وقد جَبُنتا ففرَّتا هاربتين من لونهما الطبيعي. وتلك العين التي يرتعب العالم من نظرتها رأيتها وقد زال عنها لمعانها. لقد سمعتهُ يئن. إن لسانه الذي أمر الرومانيين أن يكرموه ويدوّنوا خطَبَهُ في كتبهم كان يصرخ طالباً كأساً من الماء كما تصرخ امرأة على سرير المرض. إيهٍ أيتها الآلهة! إني أعجب كيف يتسنى لرجلٍ بهِ من ضعف الخُلق ما بهِ أن يجوز قصب السبق وحده على هذا العالم العظيم هتاف في الخارج

بروتوس - أنهم يهتفون أيضاً. ومما أظنُّ هذا الهتاف إلاَّ تكريماً يضاف إلى حساب قيصر

<<  <  ج: ص:  >  >>